أقتصاديون : الفساد سمة موروثة كرستها المحاصصة الطائفية

أقتصاديون : الفساد سمة موروثة كرستها المحاصصة الطائفية
آخر تحديث:

شبكة أخبار العراق : جمع اقتصاديون على ان آفة الفساد التي تعاني منها الدولة العراقية ، هي سمة موروثة نبتت جذورها بعد عام 1979 ثم كرستها حالة المحاصصة الطائفية في الواقع السياسي الجديد الذي أسست له ظروف الاحتلال بعد عام 2003 .واتفق الاقتصاديون في ندوة حملت عنوان “الفساد بين التشخيص وآليات المعالجة” مطلع الاسبوع الماضي “وحضرتها طريق الشعب”على ان المحاصصة السياسية والتصارع على المناصب وتجاهل القوانين مع اتخاذ قرارات غير مدروسة ، كانت جميعها أسباباً لترسيخ الفساد الذي أسس له النظام السابق ودرب الوصوليين والانتهازيين على ممارسته ، ما أشاع حالة الفوضى الادارية والاستخفاف بالمصلحة العامة حتى بدت الظاهرة وكأنها مجتمعية .وعرض الخبير الاقتصادي ماجد الصوري بدايات تفشي هذا الظاهرة وأسباب تكريسها ، حيث قال ” ان جذور الفساد نبتت بعد التغيرات التي طرأت على الواقع السياسي في البلاد بعد العام 1979 حيث كان هنالك برنامج لتحطيم الشخصية العراقية امتد الى مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق ، حيث جاء الاحتلال ومعه القوى السياسية المعارضة للنظام السابق ولم يظهر أي برنامج اقتصادي في ادارة الدولة .وأضاف الصوري ” وعلى الرغم من صدور حزمة قوانين تتعلق بادارة الدولة مثل قانون الادارة المالية والدين العام ، وقانون المصارف ، وقانون البنك المركزي ، ، وقانون غسيل الأموال ، بجانب توقيع عدة معاهدات ووثائق دولية وفي مقدمتها ربط الموازنة العامة في خطط التنمية الاقتصادية واعادة هيكلة الدولة وفق الادارة الرشيدة ومحاربة الفقر ، وحل مشكلة السكن ، والتنمية المستدامة ودعم القطاع الخاص . الا انه تم تجاهل كل هذه القوانين وهذه المعاهدات والاتفاقيات وتم اتخاذ قرارات غير مدروسة بعد اعتماد المحاصصة في التشكيلة الادارية للد?لة فظهر الوصوليون وأضحت ظاهرة الفساد سمة اجتماعية “.وأوضح الصوري في ورقته “ان القطاع العام يضم 3.5 مليون موظف في العام 2012 يضاف لهم العاملون بصفة عقد فيصبح المجموع 4.5 ملايين موظف بجانب شريحة المتقاعدين، وبهذا نجد ان نسبة عمل الموظف في الدولة لا يتجاوز 13 دقيقة في اليوم الواحد ، وكل هذا بسبب غياب المهنية في التعامل مع مشاكل مؤسسات الدولة “.من جانبه عرض الخبير الاقتصادي مظهر محمد صالح ما أسماه (الفساد النظمي) قائلا ” لم تفاجئني المعلومات التي ساقها ذلك التقرير الذي صدر عن مؤسسة صندوق النقد الدولي في العام 1999 ، وكان بعنوان “الفساد حول العالم ” اذ أشار في واحد من فصوله ” ان طابورا طويلا من المتقدمين على وظيفة في دائرة الضرائب في دولة من دول غرب أفريقيا ، وكان كل المتقدمين يرغبون في التعيين بدون رواتب ، وقتها كان موظفو العراق يتقاضون راتبا شهريا لا يكفي سوى معيشة يوم واحد أو لا يسد حتى نفقات النقل الشهرية بين المنزل ومكان العمل !!وهكذا تساوت ن?يجة العمل المجاني بين الموظف في العراق وطالب الوظيفة في ذلك الطابور في غرب أفريقيا ، خلال العقد التسعيني الماضي ، وأضاف صالح ” لقد صار تدهور مستوى المعيشة هو الصفة الغالبة بعد أن بلغ التضخم معدلا سنويا تجاوز حاجز الـ50بالمئة ملتهما مدخرات الأفراد من ذوي الدخل المحدود وعلى رأسها فئة الموظفين الحكوميين (الممثلين بالطبقة الوسطى) لينظموا الى صفوف الطبقات الفقيرة ويشكلان معا قوى محرومة من مصادر العيش والحياة وهي تمثل في الوقت نفسه نسبة قدرها 85بالمئة من الأمة العراقية المعدمة التي بات صافي مركز ثروتها (سالبا)”.وأوضح الدكتور صالح “وفي خضم الفساد النظمي الذي أمسى يدار مجانا من قوى وظيفية شبه جائعة تمارس الحرمان على نطاق واسع أباح النظام السياسي السابق في تسعينيات القرن الماضي أمرين خطيرين في السلوك والتصرف الوظيفي ، وهما حرية العمل بالأعمال الشاقة خارج ساعات الدوام الرسمي (بالنص: التحول الى عمال طين ) وكانت دعوة لجميع العاملين في السلك الوظيفي ابتداء من القضاة وانتهاء بالمعلمين”.وزاد “أما النقطة الثانية فهي السماح للموظفين العموميين لقبول الهدايا من الزبائن لكونها تجمل العلاقات الانسانية في الظرف الصعب”.وأكد صالح على ان “قوة الانحدار والوهن في الجهاز الوظيفي تجسدت في ظاهرة تحول أو تبدل سلوك الطبقة الوظيفية يوم أدركت ان الوظيفة الحكومية ومسؤولياتها كخدمة عامة وبدون دخل أو أجر مجز والاستمرار في هذا الحال الى النهاية لابد أن يغير العلاقات والمبادىء الوظيفية فممارسة الوظيفة العامة كخدمة مشرفة للجمهور وبدون مكافأة مجزية تساعد على العيش واستمرار الحياة قد حولت حق استمرار الاشتغال في المكان الوظيفي بدون مقابل (بدون وجه حق) الى حيازة وظيفية مدرة للدخل من غير وجه حق أيضا. اذ صار الموظف الحكومي ينظر الى نفسه عبر ال?رم الوظيفي بمثابة حائز على امتياز يبيح له تسيير الأعمال لمصلحته أولا وعلى وفق شروط الحيازة، وهكذا أشاع الفساد النظمي صراعات داخل الطبقة الوظيفية المحرومة نفسها وهي تمارس الرشوة والابتزاز على بعضها البعض فضلا عن اتساع نطاق الاختلاسات من المال العام ، وقد منحت الوظيفة أعرافا مرنة خلاف العمل والانضباط المؤسسي”.وخلص صالح الى ان ” الفساد النظمي بات ارثا أصاب في تفشيه الجهاز الوظيفي في الدولة الكبيرة التي تعاظمت فيها أعداد الموظفين من 850 ألف موظف في 2003 الى قرابة 4 ملايين موظف في 2014″ .من جانبه وجه القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة السابق رسالة للمؤتمرين قرأها أحد الاعلاميين نيابة عنه، قال فيها ” لا نختلف في أن الفساد ظاهرة مركبة بالغة التعقيد، وان منعها ومكافحتها يحتاج الى منظومة من الاجراءات والآليات والقواعد والقوانين والوسائل، لابد أن تطبق معها، لأن تطبيق او اقرار بعضها دون البعض الآخر لن يكون مجزيا في منع الفساد أو ايقاف ممارسته .ويرى العكيلي في المعالجة ضرورة “ضمان حكومة مفتوحة الشفافية، وحكومة من المهنيين غير متحزبة، وحكومة مسؤولة ومساءلة ، ووضع رقابة صارمة على حركة الأموال وتقوية القضاء وضمان استقلاله.. بجانب اصلاح وتقوية جهاز الادعاء العام البالغ الأهمية، وضمان الاستقلال التام للهيآت الرقابية واخراجها من قبضة الحكومة ..مع توفير الدعم المالي للمجتمع المدني، ودعم الاعلام الحر المستقل ماليا وسياسيا.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *