مقياس للوطنية

مقياس للوطنية
آخر تحديث:

 بقلم:عدوية الهلالي

في نقاش جرى بين عدد من المثقفين ، انبرى احدهم للدفاع عن مسؤول يحاول مع كل أزمة تعصف بالبلد ان يثبت وطنيته الخالصة وحرصه على بلده عبر التصعيد والتهديد واتهام شركائه في العملية السياسية وغير ذلك مما يديم تواجده وتالقه في الساحة السياسية طمعا في العودة اليها بقوة بعد ان خرج منها محملا بذنوب لاسبيل الى غفرانها حتى لوكانت النتيجة تورط البلد بحروب جديدة تغتال أرواح ابنائه وتغرقه في ازمات مالية وتفقده الكثير من اواصر الوحدة الوطنية ، فقد بلغت ميزانية العراق أعلى مستويات رشاقتها في عهده وتسربت منها مليارات كان يمكن أن تعيد للعراق توازنه كما نجحت داعش في اختراق بلده والتسلل الى مدنه واحتلالها ..

اتساءل ، اذا كانت الوطنية هي الصراخ والخطابات الجوفاء فلااظن ان المهاتما غاندي كان يحب وطنه وقد اشك بولاء نيلسون مانديلا لتراب بلده وغيرهما العديد ممن استخدموا ادوات اخرى لاقناع شعوبهم باخلاصهم لها ولمواطنيها غير زجهم في فتن وحروب وازمات مالية ونفسية ..

الوطنية كما أظن هي الالتفات لمايريده الشعب ، والسعي الى خدمته ورفاهيته وتطوره وتوفير اللقمة والأمان والاطمئنان له ، والدفاع عن مسؤول كان شعبه آخر مايفكر فيه لايعني الا شيئا واحدا وهو محاولتنا الدائمة ان نجير انتصاراتنا لشخص كما حدث مؤخرا مع العبادي حين ارتبطت به قضية الخلاص من داعش ثم التعامل مع قضية الاستفتاء بحكمة وديبلوماسية ماجعل مسؤولون آخرون يهبون لتقويض انتصاره الظاهري وتشويه صورته في عيون شعبه ..

اعود فاتساءل ، لماذا يجب ان ترتبط قضايانا بشخص واحد ليصبح هدفا للتبجيل او التسقيط بينما يمكن ان نستشف مما جرى ويجري في البلد اْن قضايانا تحسم غالبا بتدخل أياد خارجية غربية او اقليمية او عربية وان المسؤولين في البلد ماهم الا واجهات محلية ..؟!ولماذا يجب ان نقيس مستوى الوطنية بأفعال تمس الوطن ولاتمس المواطن وهناك فرق كبير بين أن ينتصر الوطن وان يعيش المواطن ، وقد اثبتت اغلب الحكومات التي مرت على أرض العراق ان المسؤول يتغنى باسم الوطن ويلوك مفردة الوطنية في خطاباته ويحاول أن يثبت وطنيته بالانتصار في الحروب ومناطحة الآخرين بينما يمكنه ببساطة ان يثبت وطنيته الحقة بالاهتمام بحاجات شعبه وانقاذه من الانحدار الى القاع ..يمكنه مثلا ان يهتم بتعليمه وصحته وحالته المعيشية وأن يدفع عنه الحروب ويضعه على قائمة الدول الساعية الى التطور فهل قدم ذلك المسؤول أيا منها لشعبه ليستحق الدفاع عنه أم واصل المزايدة على الوطنية فقط ليحظى بالمناصب ؟!

لنتذكر فقط كيف كان الرئيس السابق يزدهي ويتباهى بروحه الوطنية حين يعلن عن انتصاراته في حروبه ، لكنه لم يكن وطنيا في الحقيقة لأنه أهمل شعبه الذي لم يكن بالنسبة له أكثر من وقود للحروب متعاقبة …ألم يكن هذا الدرس كافيا لنا لنقيس الوطنية بمدى احساس المسؤولين بنا كمواطنين وليس بمدى تبجحهم بانجازات تقف وراءها في الغالب …. أياد خارجية ؟!!

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *