موازنة “على الله ويازماني”

موازنة “على الله ويازماني”
آخر تحديث:

 

  حمزة مصطفى 

 بعد مماحكات ومناقشات وخلافات وقليل من “الجر والعر” تم بالتوافق اقرار الموازنة المالية لعام 2015 داخل البرلمان عبر التصويت اليدوي مرة والالكتروني مرة اخرى. وايا كان شكل التصويت او نوعه فان القصة ابعد من ذلك وربما “اقمش”. فالموازنة تضمنت ارقاما “نظرية ” حول الموارد المالية المتوقعة مع العجز المتوقع. وهذا يعني ان مجلس النواب تعامل مع ماهو نظري بوصفه واقع حال. وللتوضيح فان الموازنة البالغة 119 تريليون دينار عراقي مع عجز مقداره 25 ترليون تقوم على اساسين ..  الفروقات بين الموارد المتوقعة نظريا والانفاق الجاري عمليا. بمعنى ان مواردنا التي سوف تتحقق طوال هذا العام هي 119 ترليون دينار. لكن انفاقنا وبعد “اللتي واللتيا” من عمليات التخفيض و”الهطر” لرواتب ومخصصات ونفقات وسيارات وكارتات وتلفونات وضيافات الرئاسات الثلاث والوزارات الثلاثين ومن هي بدرجتها تزيد عن ذلك بفارق العجز .. اي نجمع 119 ترليون مع الـ 25 ترليون راح تطلع النتيجة 144 ترليون دينار. لكن هذا كله ومثله طريقة اعداد الموازنة هي عبارة عن “سمك بالشط”. فالموازنة تم اعدادها على اساس سعر برميل النفط 56 دولار بينما يبلغ الان 41 دولار وهذا يعني لدينا عجز يبلغ 15 دولار عن كل برميل. كما تم احتساب الموارد على اساس تصدير كمية نظرية من النفط مقدارها ثلاثة ملايين وثلاثمائة الف برميل في اليوم. بينما نصدر نحن من الناحية العملية مليونين وتسعمائة الف برميل وهذا يعني ان لدينا عجز يبلغ 400 الف برميل عن كل يوم تصدير. وباحتساب هذا الفارق في اسعار النفط وكميته المصدرة فاننا لانملك نصف المبلغ الذي تم الاعلان عنه كايرادات. المفارقة بل قل المصيبة ان البرلمان لم ياخذ بنظر الاعتبار تقلبات الزمان واحواله لاسيما ان الاوضاع العالمية خصوصا لجهة الحرب على الارهاب والازمات السياسية والاقتصادية في العالم لاتبشر بخير. البرلمان ومن اجل ان “يلفلف الموازنة” ولكي  تعقد كل الكتل السياسية مؤتمرات صحفية بعد اقرارها     تبشر جماهيرها بالمن والسلوى وتعدها بلبن الزرور تعامل مع المستقبل بمنظور وردي جدا. فاذا كانت اسعار النفط الان في حدود الاربعين دولار فان ما جعل  برلماننا يحدد السعر منتصف الخمسينات فلوجود قناعة راسخة لديه ان الاسعار سوف تعاود الصعود في النصف الثاني من هذا العام. ايضا “سمك بالشط”. ليس هذا فقط فان الكمية التي نصدرها اليوم وهي اقل مما تم تحديده في الموازنة فمبنية على وعود من وزارة النفط واقليم كردستان باننا سوف نبلغ الكمية المطلوبة خلال شهور. “سمك بالشط” ايضا. المحصلة ان طريقة اعداد الموازنة تمثل خطورة حقيقية على المجتمع لان اي عثرة بالطريق يمكن ان تخلق لنا مشاكل حقيقية لاسيما ان ميزانيتنا هي عبارة عن رواتب واجور فقط. وفي الوقت الذي نامل ان تمضي الامور مثلما اراد نوابنا فان من غير المعقول ان تبنى سياسات الدول على طريقة “على الله ويازماني”.   

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *