العراق اليوم، في إنسداد سياسي تام ،وبين مبادرتين متقاطعتين،هما مبادرة السيد عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، التي تطالب بحكومة توافقية ، وتوسيع مقاعد البرلمان،وتقاسم الادواربين الحكومة والبرلمان،وتعويض الخاسرين، والغاء الانتخابات ونتائجها،فيما كانت مبادرة السيد مقتدى الصدر أكثر جرأة وعقلانية،والتي دعا فيها،الى دمج الفصائل المسلحة مع الجيش والاجهزة الامنية، وسحب السلاح المنفلت وفرز العناصر الغير منضبطة في الحشد الشعبي، ،وإحالة كبار الفاسدين الى القضاء، وتشكيل حكومة أغلبية (وطنية )، يقابلها حكومة معارضة (وطنية)، داخل البرلمان،وعلى الخاسرين تقبّل النتائج،للخروج من الإنسداد السياسي،رافضاً مبدأ التسوّيات والتوافقات،ونسف نتائج الانتخابات وإستحقاقاتها،وأن( لاتكون خسارتكم مقدمة لانهاء وخراب العملية الديمقراطية)،إذن المبادرتان هما ،مَن سيقرّر مصير العملية السياسية ومستقبل العراق،فإمّا القبول بمبادرة الصّدر،وهذا مستحيل يقبلها الإطار التنسيقي الخاسر،والفصائل المسلحة،التي ردّت على مبادرة الصّدر(لانسلّم السلاح إلاّ بيد صاحب العصر والزمان)،وإمّا القبَّول (بمبادرة الحكيم)، وهذا أيضاً رفضه (الصدر)،رفضاً قاطعاً في مبادرته،هذا هو المشهد العراقي المتوتر،والذي ينذر بعواقب وخيمة جداً،رغم تدخل أطرافاً دولية وأممية ،بسبب إصرار الكتل والاحزاب الخاسرة، القبول بنتائج الإنتخابات، والقيام بمظاهرات لإجتياح المنطقة الخضراء،حالما تستلم الاوامر من الخارج،وبالرغم من ادخل قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني ،اثناء زيارته لبغداد بعد اعلان النتائج، واجتماعه مع الفتح ودولة القانون وزعماء الفصائل المسلحة والولائية، إلاّ أنه لم يحصل على توافق بينه وبينهم،لا بل صدرت تصريحات من قبل العصائب تهاجم قاآني وتدخله،أضيف إليها تعرض رئيس الوزراء الى محاولة اغتيال بالهجوم على قصره،بطائرات مسيّرة،في وقت وقف العالم كله ،وأشاد بنزاهة الانتخابات بمن فيهم ايران،وهذا اعتراف دولي ،بارك الانتخابات من مجلس الامن وألامم المتحدة رسمياً،وأي خرق أو تغيير لنتائج الانتخابات، أو إالغائها ،من قبل أي طرف أو جهة نافذة،كالإطار التنسيقي الشيعي،سوف يكون الرفض الأممي، وردّ مجلس الامن الدولي قوياً ورافضاً،لمثل هكذا محاولات تقوّض( الإنتخابات الديمقراطية)، التي حظيت بشهادة جميع دول العالم،عدا الإطار التنسيقي الخاسر، الذي شكك بنتائجها،العراق الآن أمام مفترق طرق،إما دخول الكتل الرابحة كلها ،وفي مقدمتها التيار الصدري ،الحاصل على أعلى المقاعد ،ومعه الكتل الأخرى ودعم شعبي عراقي وعربي ودولي ،في مواجهة مع الطرف الخاسر(دولة القانون،الفتح، الفصائل الولائية، الحشد الشعبي)،وهو الأرجح، أو إخضاع الاطار التنسيقي وفصائله ،لشروط مقتدى الصدر وحلفائه،العقلانية المرحب بها ممن قبل غالبية الشعب العراقي ودول الخليج وامريكا ،نعم شروط الصدر فيها نافذة أمل للخلاص من السلاح المنفلت، والعودة لسلطة القانون، وضبط ايقاع الفصائل الولائية، وبعض العناصر الغير منضبة في ألوية الحشد الشعبي،وقد حددها السيد مقتدى الصدر، وهي التي تمارس أعمالاً خارج القانون في الموصل،وتعتبر نفسها أعلى من القانون،نحن نرى العملية السياسية كلها امام امتحان عسير، يقرر مستقبل العراق كله،والخروج من النفق المظلم ، أمر أصبح بعيد المنال، وما نراه من إصرار الاحزاب وفصائلها وميليشياتها الولائية على المضي برفض الانتخابات والتشكيك فيها، وإعادة العدّ والفرز وإلغاء الننتائج أمر شبه مستحيل، إنْ لم نقل المستحيل بعينه،وهو،لايبشر بمستقبل أمن وإستقرار للعراق، وإنها تنظر الى مصالحها ومصالح أحزابها، ولاتنظر لمصلحة العراق،وهو ما سيرفض الإعتراف به مجلس الامن والدول الاوروبية،والدول العربية كلها، وعدم إعترافها بنتائجه ،لذلك ليس أمام الإطار التنسيقي وميليشياته وفصائله الولائية،سوى الدخول في مفاوضات وتفاهمات ، لاتخرج من مبادرة السيد الصدر،وتبتعد عن مبادرة عمار الحكيم وإياد علاوي،اللتان تدخلان العراق بدوامة، وتسفّه الانتخابات ونتائجها، وتلحق ضرراً كبيراً بعلاقة الشعب ، بصندوق الانتخابات، وتفقد الشعب علاقته، وثقته بحكومة الكاظمي،التي أخذت تلقى دعماً عراقياً، ونجحت في إعادة الثقة له،اليوم الشعب ورئيس الحكومة في مواجهة من يريد أن يخرّب ويشقّ العلاقة بينهما، ويتفرّد بالقرار، لمصالح فئوية وحزبية وشخصية ، لصالح إيران تحديداً، التي فقدت الثقة بفصائلها واحزابها، بعد نتائج الانتخابات،وأخذت تنظر بعقلانية ،الى مستقبلها ومصلحتها،أنها ليست مع هذه الاحزاب والفصائل،التي فقدت ثقة حاضنتها وجمهورها ،بخلط الاوراق وتفضيل مصالحها على مصلحة العراق،وتقف اليوم بالضد منها،وهذا ما نتجت عنه واكدته زيارة قاآىني لبغداد مؤخراً، اذن حكومة الأغلبية(الوطنية) التي دعا اليها الصدر هي الحل في الوقت الحاضر، لأنها تلقى دعماً دولياً وشعبياً وعربياً ، في حين تلقى دعوة حكومة توافقية رفضلً دوليا وعربيا وعراقياً، ولكن تحقيق أياً منهما ،يدخل العراق بنفق الحرب الشيعية – الشيعية لامحالة،إذا لم تعلن تلك الجهات الدولية دعمها وتدخلها في مساندة ودعم حكومة الأغلبية ،بشكل مباشر وعلني، وحقن دماء العراقيين، وفرض القانون وتنفيذ بنود الدستور، والتأكيد على نتائج الإنتخابات،وصحتها،ونزاهتها،لذلك هناك فترة أمامنا أسبوع لحسم الأوضاع، بعد أن تنهي مفوضية الإنتخابات، عمليات الطعون ونتائجها وإعلان نهائي للنتائج، بعد العدّ والفرز اليدوي للطعون، وسط تهديدات علنّية من قبل الفصائل والأحزاب الخاسرة ،بإقتحام الخضراء،وتنفيذ إنقلاب (حوثي)، محتمل، لتخريب الملّعب، ونشر الفوضى ،تنفيذاً لشعار (عليّ وعلى أعدائي)،هو السيناريو الأكثر حضوراً، في المشهد السياسي العراقي ، الغارق في الضبابية، والمحكم الإنسداد، فهل تنقذ العراق حكومة الاغلبية الوطنية،التي دعا لها ويصرُّ عليها السيد الصدر،والتي وبدون دعم دولي وعربي مباشر،ستسقط خلال في أقل من شهرين ، أم ستكون حكومة توافقية إرضاءً للخاسرين ،واسقاط هيبة نزاهة الانتخابات ،والدوس على نتائجها، التي أشاد بها جميع العالم.العراق أمام مفترق الطرق،إمّا حكومة أغلبية يقودها التيار الصدري ،أو حكومة توافقية يقودها ألإطار التنسيقي بقيادة نوري المالكي، والذي سيدخل العراق بمحنة أخرى، وتسليم مدنه لتنظيم داعش الإرهابي ثانية …