البغدادية والإعلام الوطني …..!

البغدادية والإعلام الوطني …..!
آخر تحديث:

 

  فلاح المشعل

يتبنى الإعلام أهم جزء في محاور الصراع الوطني من أجل التغيير السياسي والتأثير المجتمعي ، والإعلام الفاعل يصنف كونه أحد الشروط الذاتية الناضجة التي تتكامل مع الظروف الموضوعية وحركة الجماهير في إنجاز مشروع التغيير ، سواء أكان عبر ثورة سلمية ، أم بطرق مواجهة أخرى .

 

أحداث المظاهرات ليوم 7آب 2015 كشفت عن جملة ظواهر تؤكد ما نحن بصدد تشخيصه ، وتقعيده على وفق شروط التجربة السياسية العراقية وهي تعيش واحدة من أعقد مراحل إنعطافاتها التاريخية ، حيث ظهر مستويات قياس للإعلام تكاد تشكل غرائبية لايخلو من الشذوذ ، وتكريس مبدأ الفساد حين يطال المؤسسة الإعلامية للدولة العراقية .

 

تظاهرات تعم نحو عشر محافظات عراقية وتشهد مشاركة شعبية مليونية ، ترفع شعارات وطنية حاسمة ومهمة ضد فساد الحكومة وفشل الخدمات وضرورة إحداث تغيير سياسي ، في هكذا أوقات وأحداث ملحمية وطنية ، يغيب اسطول إعلام الدولة الذي يمول من المال العام ، وإعلام الدولة هنا نقصد به كل وسائل البث والنشر والإعلام من فضائيات واذاعات وصحف ، إعلام يلوذ بالصمت والخرس التام ، وهو يرتكب خيانة لمبادئ الإعلام أولا ً..! وخيانة لمسؤوليته أزاء الشعب الذي يدفع من حقوقه وتقشفه وأمواله لهذه الماكنة المترهلة ، وهي تعكس صورة الفساد الإعلامي الذي كرس هذا الواقع المحفز للتظاهر والثورة .

 

القنوات الإعلامية الأخرى التابعة للأحزاب والممولة بنحو غير مباشر من أموال الدولة ايضا ً، عبر أحزابها وإمتلاكها للوزارات والعقود والصفقات ، هي الأخرى وجدناها خجولة مترددة خائفة عن نقل وقائع المظاهرات وشعاراتها ، لأنها تدخل ضمن أهداف المظاهرات وشعارات الناس العفوية ضدها ..!؟

 

قناة البغدادية الفضائية قدمت يوم المظاهرات العظيمة 7آب 2015 ، حالة إستعراض قوة وإنتماء وطني لم يشهد العراق مثيلا لها سابقا ً ، سيارات نقل البث المباشر وزعت في كل المحافظات وكانت تنقل وتغطي الأنشطة في عموم البلاد بوقت واحد ، وجرأة فنية عالية وتقنية مقبولة في التعامل بتلقائية مع احداث وهتافات تحدث في الشارع السياسي العراقي دون سابق تخطيط أو قصدية ، وتلك هي الرسالة التي ارادت إرسالها للعراقيين جميعا ً ، سياسيين ، ومرجعية ، وحكومة ، وعموم الشعب والرأي العام ، رسالة مفادها ؛ هذا هو الشعب العراقي ومابين دفتيه …!

رسالة أخرى ذات بعد أخلاقي اشتغلت عليها البغدادية ، ان لاتترك الشعب أعزل دون وسيلة إعلام فضائية وبث حي يوثق نضالات الشعب ودوره في مواجهة الفاسدين والطغاة والفاشلين ..!

 

مشاركة البغدادية كانت تعويض نوعي عن هروب الإعلام الحكومي وخوفه من الشعب ونقمة المسؤول ايضا ً ،الذي لايرغب ان يرى حقيقة توصيفه من قبل جماهير الشعب ، بينما أدركت البغدادية حقيقة أن تواجدها والنقل المباشر لايكرس الإنتماء وإحترام الإرادة الشعبية وحسب ، بل التماهي معها وتمكينها من سلاح الوصول لأوسع نطاق مجتمعي ، حتى بلوغ هدف التغيير ، ومن هنا تتجلى أهمية تأكيدنا على وجود إعلام حر مستقل وطني .

 

أكثر من ست ساعات متواصلة، كانت البغدادية تغطي وتنقل أحداث التظاهرات دون كلل أو ملل ، ماجعلها تكون فعلا أحدى أدوات التغيير في واحدة من أهم لحظات التاريخ السياسي الوطني للعراق .

 

[email protected]

 

 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *