دموع الكرادة والكامن الشيعي …!

دموع الكرادة والكامن الشيعي …!
آخر تحديث:

 

  فلاح المشعل

أتسع المشهد المأساوي الذي أعقب فجيعة الكرادة في 3تموز 2016، ليكرس ذات النمط التعبيري الذي درج عليه عوام الشيعة منذ 1400سنة تقريبا ً، مشهد مغطى بالرثاء الحزين واللطم والزنجيل وقصائد تولول بيأس وتستسلم لفكرة الموت والمظلومية، كواقع لامفر منه ، كما تحاول تكريسه مراكز فكرية وسلطوية متعددة من السلفية الشيعية ..!

الإشكالية الظاهرة في مشهد الكرادة، تبين أن الانتماء لفكرة المظلومية والتسليم بمنهجية الإذلال والقدرية ، لم تزل تعلن عن استعداد الوعي الشعوري الشيعي لأنتاج مشتقات تراجيدية مستوحاة من إيقاع كربلائي ، وكأن جموع الجماهير الشيعية مابرحت تجدول الأحداث على منهج الموافقة بظلمها ،وميلها الفلكلوري للتشبث بسكونية الألم وخدر المأساة بغرائبية شاذة ، أزاء صياغة بنية سايكلوجية مغايرة تماما ً لقياسات الواقع ومنهج الطبيعة .نقول هذا والجميع يعلم ان فاجعة الكرادة التي راح ضحيتها نحو 500 مواطن عراقي وعلى نحو جرائمي مروّع ،جاءت نتيجة فشل الحكومة بحماية مواطنيها جراء استشراء الفساد في مفاصلها التي تمسكها احزاب سياسية شيعية ، ويدرك الشيعي قبل غيره فساد هذه الأحزاب واستهتارها بحقوقه ، وفاجعة الكرادة حلقة من سلسلة فواجع عمرها ثلاثة عشر سنة تمت في ظل حكومة شيعية ، وبحسب قواعد الفكر الثوري الشيعي ومنهج الخطاب العلوي وكذلك الحسيني فأن ماكان يتوجب على الشيعة خصوصا ً،واهالي بغداد والعراقيين عموما ً، ان ينظموا مواكب الإحتجاج الثوري سواء ً في خطوة تغيير ثورية أو إدانة سياسية صريحة ومحاكمة الجناة بدلا ً من النواح واللطم والبكاء …!

ومثلما استثمرت مأساة كربلاء تاريخيا ً من قبل حركات سياسية ، سواء بالغلو والشعبوية أو الكسب التجاري وتسلق السلطة ، فأن العديد من الأطراف السياسية الشيعية المسؤولة أو المنتجة لهذه المأساة ، جاءت لتستثمر في مشهد الكرادة عبر استعادة صورة الموكب اللاطم الرثائي الخادع والمفرّغ من أي معنى لأنتاج قواعد حياة انسانية طبيعية ، إنما هي مصادرة للسؤال عن السبب والفاعل الحقيقي ومن استأثر بدماء العراقيين وأرواحهم وكرسها لخدمة سلطته الفاسدة وشيوع هذا الخراب الوطني .

مشهد الكرادة الذي نكب العراقيين جميعا ً وهز الضمير الأنساني ، لم يحقق الثمن المكافئ له في سؤال وفعل التغيير،لأنه تعرض للسطو من قبل المشتركين بتصنيع مأساته ، أقصد احزاب وتنظيمات السلطة أولا ً، والروح البكائية للجماهير وهي ترفع الرايات البيضاء لواقع قاتل،لاتجيد فيه سوى أنشاد الرثاء الحزين وجلد الذات .مشهد الكرادة غاب عنه أي خطاب سياسي ينمي مشروع الثورة السياسية ، أو يكرس منافع اجتماعية اضاعتها السياسة الفاسدة ، أو حركة تنظيمية تعمق وعي الناس وذوي الضحايا والشعب عموما بأسباب ماحدث ويحدث ، بل لم نلحظ حتى تغييراً للحكومة ومنهجها وعناوين فسادها…!للأسف قد خسرنا المئات من الأبرياء دون ثمن يتكفل الخروج من مشروع الموت اليومي للعراقيين، لم نربح سوى مواكب لطم لدهاقنة الإسلام السياسي ، ومزيد من قصائد النعي وندب الزمن والتسليم للقدر .

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *