لم تعد كل الطرق .. تؤدي الى روما

لم تعد كل الطرق .. تؤدي الى روما
آخر تحديث:

 بقلم:كاظم المقدادي

اغرب .. ما واجهني في هذه الايام ، وانا انجز كتابي الاخير ( جدل الاتصال/ استقراء الزمن الحقيقي ) اجد ان هذا الاتصال والتواصل بين القارات الخمس يواجه هزة عنيفة غير مسبوقة في تاريخ الانسانية / انه انقطاع اجتماعي .. يحل محل التواصل الاجتماعي ، بعد ان شمل الحجر الصحي والاحترازي مدن العالم باسره .. وامسى الانسان حبيس بيته ، لا نصافح احدا ، لا نلامس حبيبة ، لا نعطس امام الجميع كي لا يهربوا منا ، لا وقت للذهاب الى المسارح وصالات السينما والمطاعم والمقاهي ، ولا صلاة في المساجد ، و صرنا نتخوف .. من امتداد الايام لتصبح اعواما من العزلة .. فهل سيعيد وباء كورنا تشكيل خريطة الاتصال بين الافراد والمجتمعات والدول .. بعد ان صار ترتيب الدول حسب الاصابات والوفيات ، لا حسب قوة اقتصادها ، ومكانة جامعاتها .. وهل نحن امام عالم افتراضي ليس لنا غيره .. ضمن وضع وشرط بشري جديد يعيد صياغة العلاقات الانسانية على مستوى العائلة الواحدة ، والمجتمعات ، و السياسة والاقتصاد ، والتبادل التجاري ، والتواصل الاجتماعي ..؟؟

امام هذه الفوضى ( الوبائية ) التي اجتاحت العالم برمته .. كان لزاما علينا ان نتمسك باللغة العلمية ، ونعري الجهلة الذين يصدرون لنا خرافاتهم الدينية ، و تتصدى ، جمعيات وهيئات ، وموؤسسات لوقف هذا الاجتياح المخيف من الشائعات ، ومن الوباء المعلوماتي الذي يصيب الشعوب التي تصدق عادة الخرافات ، في زمن الحروب والمجاعات .

لهذا .. فقد اطلقت غوغل موقعا متخصصا للمعلومات الصحيحة المتعلقة بفيروس كورونا .. كما ان منظمة الصحة العالمية خصصت رقما على تطبيق واتساب لتوعية المواطنين وارشادهم ، ونبهت من الشائعات والمعلومات الصحية غير الصحيحة .. لتؤكد ان المعتقدات ، والمعلومات الخاطئة ، والعلاجات الوهمية .. تشكل وباء معلوماتيا يزيد من خطورة الوباء .

اعود الى روما ..وطرقها التي كانت سالكة في عصر النهضة .. الذي كان بحق تاسيسا للاتصال الحضاري .. بفضل الفكرة التي اطلقها الفيلسوف ( مارسيل فيسين ) / ايها الجنس الالهي المتنكر انسانا .. اعرف نفسك) .

في اواخر القرن الرابع عشر ، حصلت المعجزة في شمال ايطاليا .. وتحديدا في مدينة فلورنسا التي تعادل اليوم وادي السليكون .. كانت المدينة مزحومة في العلوم والمخترعات والابتكارات العلمية التي توسعت في القرنيين التاليين.

كان هناك ايضا .. النحات الملهم مايكل انجيلو ، والرسام العظيم دافنشي .. واسماء كبيرة اخرى جعلت من روما عاصمة الدنيا وقبلة العلم والمعرفة .

روما اليوم .. لم تعد طرقها سالكة .. فهي في حجر صحي ومعزولة عن محيطها الاوربي ، لتكتشف بنفسها ، وضاعة العلاقة الهزيلة بينها وبين دول الاتحاد الاوربي ، وحدها الصين تهرع مسرعة لنجدتها .. وهذه النقطة بالذات ربما ستكون حجر الزاوية لاعادة تشكيل العلاقات الدولية .

الثابت .. ان هذا الوباء ومهما بلغ انتشاره السريع وبلغت خطورته ، فلابد وان ياخذ طريقه الى الانحسار .. والاخبار التي تصلنا من الصين تؤيد ما نذهب اليه .

ومع انجلاء المحنة ، ربما ستنكشف معلومات واسرار كثيرة عن حقيقة وجود هذا الفيروس وانتشاره ، وهناك تلميحات صينية بوجود بصمات امريكية في مواقع انتشاره ودماره .

ان الهزات الكبيرة التي واجهت تاريخ البشرية .. كثيرا ما تؤسس لعالم اخر وجديد .. هكذا حدث في الحروب الفاصلة التي سجلها التاريخ .. تتبدل تحالفات ، وتوقع معاهدات .. وتتغير الجغرافية .. ويؤسس لعالم جديد ، ويبدأ معه تاريخ جديد .

الثابت .. / ان وباء كورونا كشف لنا ان .. اوربا القارة العجوز عاجزة على حماية نفسها .. فهي ظلت ومنذ الحرب الثانية تحت المظلة الامريكية ومساعدات مارشال . ومازالت تتوجه صوب واشنطن كلما مرت بمخاطر تهدد اقتصادها و وجودها .. لكن امريكا المشغولة بحكم التفاهة في عهد ترامب الذي لا يفهم سوى لغة الدولار و تكنولوجيا السلاح .. تبدو هي الاخرى عاجزة عن حماية نفسها بعد اعلان مدينة واشنطن السياسة والقوة ، ونيويورك الاقتصاد والتجارة .. مناطق كوارث كبرى .

ترى .. هل ستنتهي اللعبة .. وتتعافى الصين من ازمتها وعزلتها .. وتقود قارة اسيا المكتنزة بشواهدها الحضارية الروحانية والانسانية .. نحو عالم جديد ، يحترم قوانين الطبيعة ، ويرنو الى بناء مجتمعات اكثر انسانية وعدالة …؟

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *