حنان الشندي.. جماليَّة الفن الواقعي

حنان الشندي.. جماليَّة الفن الواقعي
آخر تحديث:

خضير الزيدي

ثمة أكثر من أسلوب فني اعتمدته حنان الشندي في رسم لوحاتها، فكان لها أن تتنقل بين التعبيرية والتجريد والفن الواقعي، ورأينا أن لهذا التنقل أكثر من سبب منطقي يفرض علينا التوقف عنده، فقد أرادت أن تهتم بالفن وتبعث برسالته إلى المتلقي ليس من باب كسر  الإصرار على طريقة واحدة، بل عملت على أن تجرب هاجس الاهتمام بسمات فنية وأسلوبية تسمح لها أن تجاري مدارس الفنون المعروفة، ولكنها بقيت وفية لمدرستها الأم وهي الواقعية التي طرحت فيها نشاطا ابداعياً، وارتأت أن تكون الأشكال المرسومة من واقع الطبيعة لما تحمله من سمات جمالية في التكوين البصري. 

حنان الشندي تأخذنا بمخيلتها نحو أشكال فنية تلامس الوجدان، وهي بهذا ترينا شكلاً ثابتاً وسياقاً بصريا يعود بجذوره إلى مستويات من الجذب والحيوية لمخاطبة العاطفة، فضلاً عن كونها مستوحاة من الواقع. وبما أن الباعث والموجه لهذه الفكرة هو ابداء الجمال ومجاراة ما يهتم به الإنسان، فقد قدمت للمتلقي عشرات الأعمال عبر أكثر من معرض، سواء في العراق أو الدول الغربية لنتعرف عن لوحات تتغنى بالحياة والطبيعة والإنسان، وهو سلوك ليس مغايراً بقدر ما ينمُّ عن اهتمام بالمشتركات بين الإنسان والمحيط، وما يتفق عليه من مصادقة. ولعل الملفت هنا أنها بقيت وفية لخطاب واقعية فائق حسن ليس من مبادئ التأثير بمدرسته وأسلوبه، إنما من باب الربط بين معيارية الاشكال والمناخ الروحي والانتماء لهوية أرض العراق، وهي ليست مصادفة أن تكون خارج العراق بينما خياراتها ووجدانها مشدود لبغداد، هناك طريقة في رسمها ستسهم في بث حيوية الطبيعة من خلال النقل المباشر وهو فعل متعارف عليه في الرسم، لكن ما يهمنا أنها تجعل من الطبيعة هدفا لتنشد نحو روحية الانسان وبقدر ما ننشغل بالشكل والخطوط والتلوين وطبيعة التكوين والانشاء، فأن عقليتنا ستذهب إلى ايقاع الفكرة، وما تفضي إليه من معنى يرتبط بالهاجس التعبيري ليس للفنانة فحسب، وإنما للمتلقي معاً، فهل تحقق الجمال الذي نصبو إليه في واقعيات هذه الفنانة؟ 

في الغالب من منجزها نجد فناً بعيداً عن الزخرفة والتراكيب الصعبة جل ما تهتم به أن تنهل فكرتها من البساطة، ومع أنها تغوينا برسومات هي مزيج من طبقات لونية ولطخات تنتظم في أشكال صافية، وهي بهذا تفصل بين اسلوب يبدو مجرد عرض بصري وبين استخدام تتمكن فيه من الاشهار بأشكال تدخل في تكوين منسجم في وحدته النهائية، مع هذا طريقتها في الرسم لم تتصف بالحدية هناك انشاء واضح ومبسط مع مناخ من الحرية في التعامل بين الألوان والخطوط، وحتى المعالجات التي تتسم بالعاطفية جراء حساسية التلوين،  وهو اغواء من نوع يبين مراتب الجمال في تنوع الأشكال داخل اللوحة الواحدة وبقدر ما يبدو فنها انعكاسا للواقع، إلا أن طريقة تأسيس الفكرة داخل العمل ترتقي بخطاب له موقف يقع على عاتق الفنانة أن تبديه لنا، وهو موقف الانتساب لجمالية الوجود والتواصل مع أبسط مقومات الحياة من أجل التغني بميراث وجودنا الادمي. وهكذا سيكون الشد والجذب بين رسالتين جمالية وتعبيرية مع المضي بالفكرة واحيائها، وهذا يبدو قائما مع حنان الشندي كلما تأملنا لوحاتها وما توثقه من دقة ونسق محدد في عالم الرسم الواقعي، بمعنى أن العناية بالوحدات الصورية مشروطة بالمهارات الادائية بتحديد عملية الادراك، وما سيتجلى في التكوين من بعد وطابع بنائي وتعبيري.. وكل ذلك نوع من المبادئ التي تقدمها في أعمالها الفنية. 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *