فورين بوليسي:الحشد الشعبي أشد خطراً على استقرار العراق والشعب عاقبه بالانتخابات

فورين بوليسي:الحشد الشعبي أشد خطراً على استقرار العراق والشعب عاقبه بالانتخابات
آخر تحديث:

 بغداد/ شبكة أخبار العراق- عدما خسرت الأحزاب الموالية لـ”إيران”، الانتخابات العراقية المبكرة، أعلنت أنها ترفض النتائج وهدَّدت باللجوء إلى العنف.في تقرير نشرته مجلة (فورين بوليسي) الأميركية، سلَّطت الكاتبة العراقية، “مينا العريبي”، رئيسة تحرير صحيفة (ذا ناشونال) الإماراتية، الضوء على نتائج الانتخابات العراقية، مرجِّحة أن تكون “إيران”، الخاسر الأكبر، خاصةً بعد الهزيمة التي مُنِيت بها الأحزاب الموالية لـ”طهران”.تستهل الكاتبة تقريرها؛ بالإشارة إلى أن “العراق” أجرى، يوم الأحد الماضي؛ خامس انتخابات برلمانية تشهدها البلاد منذ الإطاحة، بـ”صدام حسين”، في عام 2003، للمنافسة على مقاعد “البرلمان الوطني”؛ التي يبلغ عددها: 329 مقعدًا. وفي حين أن النتائج النهائية لم تُعلن بعد، يبدو أن أكبر الخاسرين في الانتخابات هم الجماعات المسلحة، (الميليشيات)، العراقية الموالية لـ”إيران”، والتي أعلنت بالفعل عن رفضها لنتائج الانتخابات وأصدرت تهديداتٍ واضحةً باللجوء إلى العنف.

ويضيف التقرير أن هناك خاسر آخر في هذه الانتخابات؛ وهي “الديمقراطية العراقية” المتعثرة أصلًا. ونظرًا لأن العراقيين يعتقدون أن نظامهم يتعرض للتلاعب، لم يخرج حوالي: 60% من الناخبين المؤهلين للمشاركة إلى التصويت في الاقتراع. لكن هذا لم يمنع الحكومة ومراقبي الانتخابات من الترويج للتصويت على أنه “إنجاز”، والإعلان أن العملية الانتخابية سارت بسلاسة نسبيًّا، وأنه لم تقع أي حوادث عنف، بالإضافة إلى تمكُّن معظم الناخبين من الوصول إلى مراكز الاقتراع بسهولة. واستحدثت المفوضية العليا للانتخابات عددًا من الإجراءات الجديدة، مثل بطاقات التصويت الإلكترونية والتسجيل البيومتري للناخبين، مع تعهدها بالقضاء على عمليات التزوير التي شابت الانتخابات الأخيرة؛ التي أُجريت في عام 2018.

وكانت الحكومة العراقية و”المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”؛ قد تعهدتا بإعلان النتائج في غضون: 24 ساعة من إغلاق مراكز الاقتراع، أي كان من المفترض أن يُعلن عنها؛ ليلة الإثنين الماضي. لكن بدلًا من ذلك، أعلنت “المفوضية العليا للانتخابات” عن نتائج عشر محافظات فقط، يوم الإثنين، بينما ظلت نتائج الانتخابات في: “بغداد” وثماني محافظات أخرى، منقوصة. وعندما أعلنت مفوضية الانتخابات النتائج الأولية على “الإنترنت”، تعطل موقعها الإلكتروني على الشبكة العنكبوتية مع تدفق العراقيين عليها لمعرفة النتائج. وأدَّى التأخير في إحصاء الأصوات إلكترونيًّا إلى حتمية إحصاء الأصوات في بعض الصناديق يدويًّا دون وجود مراقبين خارجيين، مما قوَّض ثقة العراقيين في النتائج إلى حدٍّ كبيرٍ.

يُوضح تقرير (فورين بوليسي”؛ أن الأجواء في “العراق” لا تزال متوترة، إذ أسفرت التقارير الواردة بشأن وصول، “إسماعيل قاآني”، قائد (فيلق القدس)، التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني؛ والشخص المسؤول عن شؤون “طهران” في “العراق”، إلى “بغداد” عن تعزيز الشائعات القائلة إن “إيران” ووكلاءَها سوف يتلاعبون بالنتائج. و”إيران” لديها كل الأسباب التي تجعلها غير راضية عن الأداء الضعيف لوكلائها في الانتخابات.

وفي “العراق”، وصفت شخصيات بارزة موالية لـ”إيران”، الانتخابات؛ بأنها غير شرعية. وهدَّد “هادي العامري”، رئيس تحالف (الفتح)، الذي خسر عدة مقاعد برلمانية في الانتخابات على الأرجح، برفض النتائج. بينما أصدر “أبوعلي العسكري”، والمعروف أيضًا باسم: “حسين مؤنس”؛ وزعيم (كتائب حزب الله)، الموالية لـ”إيران”، تهديدًا واضحًا باستخدام القوة ضد “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”. وفشلت (كتائب حزب الله) في الفوز بمقعد واحد في البرلمان.

وأفاد تقرير “العريبي”؛ أنه بينما ينتظر الجميع إعلان النتائج النهائية للانتخابات، يبدو أن أقوى قوة سياسية في البرلمان المقبل ستؤول إلى رجل الدين الشيعي، “مقتدى الصدر”، الذي يُتوقع أن تفوز كتلته، (التيار الصدري)؛ بـ 73 مقعدًا على الأقل في البرلمان، بزيادة هائلة في المقاعد عن الانتخابات السابقة. وبصفته رئيسًا للحزب الذي لديه أكبر عدد من المقاعد، سيتولى، “مقتدى الصدر”، مسؤولية اختيار الشخص الذي سيُشكل الحكومة المقبلة، ولكن في ظل عدم حصوله على أغلبية المقاعد في البرلمان، سيتعين على هذا الشخص الذي سيقع عليه الاختيار تشكيل حكومة ائتلافية.

وقد ألقى “الصدر” خطابًا متلفزًا معلنًا الفوز في الانتخابات؛ بعد إعلان النتائج الأولية، يوم الإثنين، مركِّزًا فيه على الإصلاح ومحاربة الفساد. وخلال خطابه المتلفز، وصف “الصدر”، فوز حزبه بالانتخابات؛ بأنه بمثابة: “انتصار على الميليشيات”. وفي إشارة إلى “الولايات المتحدة” وغيرها من الدول الأخرى، أكدَّ “الصدر” أيضًا على أن السفارات الأجنبية ستكون موضع ترحيب للعمل في “العراق” ما دامت تلتزم بعدم تدخلها في شؤون البلاد الداخلية. وفي إشارة مهمة أخرى، تعهَّد “الصدر” بأنه سيسعى إلى كبح جماح الميليشيات، قائلًا: “ومن الآن فصاعدًا، سيقتصر حمل السلاح على القوات التابعة للدولة فحسب”.

يُرجِّح التقرير أن هذا الترسيخ لدعائم سلطة الحكومة العراقية يُمكن أن يُؤدي إلى اندلاع اشتباكات عنيفة، خاصةً إذا وجدت الميليشيات أن نفوذها في البلاد بدأ يتضاءل. وفي ظل إعلان بعض الميليشيات بالفعل أنها لن تقبل نتائج الانتخابات، يمكن تحديد مسار البلاد في المستقبل من خلال رد فعل قوات الأمن العراقية والأحزاب السياسية الأخرى على مثل هذه التهديدات بممارسة العنف بعد الانتخابات. ولن يؤدي فشل قوات الأمن العراقية في الحد من قدرة الميليشيات على الترهيب وتنفيذ هجمات مروعة إلى تقويض العملية الانتخابية فحسب؛ بل سيؤدي كذلك إلى تقويض عمل البنية التحتية الأمنية وشؤون الحكم في “العراق”.

وفي الوقت الذي ستشهد فيه الأيام والأسابيع المقبلة توتراتٍ كبيرة؛ فيما يتعلق بالميليشيات، يظل التساؤل بشأن الشخص الذي سيتولى مهمة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة أمرًا محوريًّا في مسار “العراق”. وسوف تستمر المناورات بين الأطراف المختلفة وراء الأبواب المغلقة في خضم محاولة الفصائل المختلفة تأمين مصالحها. ومن المتوقع أن يُشكِّل “الصدر” تحالفًا مع كتلة (تقدم) البرلمانية الكُردية، وهي أكبر حزب سُنِّي عربي في “البرلمان العراقي”؛ ويتزعمه رئيس البرلمان الحالي، “محمد الحلبوسي”. ومن المحتمل ألا تحقق هذه المجموعات الثلاث مجتمعة؛ أغلبية مقاعد البرلمان، لذلك سيكون هناك حاجة إلى التحالف مع شركاء آخرين.

وتلفت “العريبي” في تقريرها؛ إلى أن إحدى النتائج المهمة لهذه الانتخابات؛ هي ظهور فئة من المرشحين المستقلين الذين فازوا بمقاعد في البرلمان من خلال تنظيم حملات مباشرة مع العراقيين، والتي أصبحت ممكنة بفضل الإصلاحات التي أُدرجت في قانون الانتخابات. ومن الواضح أن حركة (امتداد)؛ بزعامة الناشط البارز “علاء الركابي”، وهو صيدلي اكتسب شهرة خلال احتجاجات تشرين أول/أكتوبر 2019، قد حصلت على: 10 مقاعد في البرلمان، وسيتعين عليها أن تُقرر: هل تنضم إلى الائتلاف الحكومي وتخاطر بإمكانية تشويهها بالعملية السياسية؛ أو ستظل نقية، لكن دون أي سلطة بوصفها جزءًا من المعارضة.

وإذا عجز “الصدر” عن الاتفاق مع حلفائه البرلمانيين المستقبليين على اختيار رئيس وزراء جديد، فقد يكون المرشح التوافقي هو؛ “مصطفى الكاظمي”، المرشح الحالي الذي تربطه علاقات جيدة بـ”الصدر” و”الحلبوسي” والأكراد على حدٍّ سواء. وإذا تعثرت محادثات تشكيل الحكومة الائتلافية؛ واستمرت لأشهر، فسيكون اختيار، “مصطفى الكاظمي”؛ هو السيناريو المحتمل.

يُشير التقرير إلى أن هناك منصبين أساسيين يتعين على الائتلاف الجديد شغلهما: وهما منصب الرئيس العراقي ورئيس البرلمان. ومن المتوقع أن يظل “الحلبوسي” في منصب رئيس البرلمان، بينما يتعين على الأكراد التغلب على انقساماتهم الداخلية لاتخاذ قرار بشأن اختيار مرشح رئاسي، والذي ستصادق أغلبية الائتلاف في البرلمان عليه بعد ذلك. إن هذا الانقسام بين المجموعات العِرقية والدينية الأساسية في “العراق” لا يعكس فحسب الأعضاء الثلاثة الرئيسين للتحالف المحتمل، بل يبدو أنه ترتيبٌ غير رسمي، على عكس نظام “لبنان” المؤسسي لتقاسم السلطة الطائفية.

وفي السابق؛ كان يتولى أحد الشيعة منصب رئيس الوزراء؛ ويتولى رئاسة البرلمان عربي سُني، بينما يتولى رئاسة البلاد أحد الأكراد. ومع ذلك، فإن هذا النوع من المبادلة يؤدي إلى كسب النفوذ الذي يستاء منه عديد من الناخبين العراقيين في نظامهم السياسي الحالي، بحسب الكاتبة، في ظل أن السلطة نادرًا ما تعتني بتقديم خدمات أفضل أو تنفيذ معالجة محسنة لعديد من الأزمات في “العراق”. والأكثر من ذلك، أن هذا الانقسام العِرقي والطائفي الفج بين النُّخَب السياسية في “العراق” يستبعد العلمانيين والقوميين العراقيين.

وتختتم “العريبي” تقريرها؛ بالتأكيد على أن “العراق” بحاجةٍ الآن إلى ثلاثة أمور فورًا. أولها: ينبغي على “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات” إعلان النتائج النهائية للانتخابات على الفور؛ وأن تُحافظ على الشفافية بشأن الطريقة التي تُفرز بها الأصوات. ثانيًا: يجب أن تكون نوايا “الصدر” واضحة بشأن تشكيل حكومة ائتلافية وتسمية رئيس الوزراء القادم. ثالثًا: يجب أن تكون قوات الأمن العراقية متيقظة ولا تسمح بارتكاب أي أعمال عنف ضد “المفوضية العليا للانتخابات” أو ضد المرشحين أو ضد النشطاء؛ الذين قد يكونوا مستهدفين من مقاتلي الميليشيات، في محاولة منهم للتأكيد على امتلاكهم السلطة التي لم يحصلوا عليها في الانتخابات.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *