لماذا تجاهلت الفضائيات خور عبد الله ؟ … بقلم : كاظم فنجان الحمامي

لماذا تجاهلت الفضائيات خور عبد الله ؟ … بقلم : كاظم فنجان الحمامي
آخر تحديث:

من المفارقات العجيبة أن الفضائيات العراقية المئوية على اختلاف توجهاتها, وعلى اختلاف أقمارها وأفكارها توحدت في صمتها المطبق إزاء ضياع خور عبد الله, وتجاهلت ما يمر به العراق من ملابسات حدودية في عرض البحر.

فالفضائيات العراقية وعلى الرغم من كثرتها وتنوعها, وعلى الرغم من تظاهرها بالوطنية, وعلى الرغم من تربصها بهفوات الساسة, وتخصصها برصد شطحاتهم وكبواتهم, وعلى الرغم من تمتعها بحرية التعبير من دون قيود, وعلى الرغم من كل مؤهلاتها الإعلامية رفضت التعليق على آخر الانحرافات الملاحية الخطيرة في مسارات مياهنا الإقليمية.
 ربما تعزا أسباب هذا الصمت المريب إلى عوامل كثيرة, يقف الجهل في مقدمتها, وربما تأتي عوامل الإهمال والتواطؤ والتغاضي والرضوخ والخذلان لتطغى على أداء الفضائيات المتغافلة عن مصائبنا, فلا خير بفضائيات تتلقى دعمها المالي من خزانات القوى الغاشمة, ولا خير بفضائيات تدور في فلك العواصم المتآمرة علينا, ولا خير بفضائيات لا تعرف خارطة البلد الذي يفترض أن تنتمي إليه, ولا خير بفضائيات اتخذت من التهريج قناعا إعلامياً رخيصاً, ولا خير بالوسائل الإعلامية التي اتخذت من التغافل شعاراً لها, فلا الفضائيات الرسمية, ولا الفضائيات المدسوسة, ولا المنحوسة, قالت كلمة رثاء واحدة على أطلال نوافذنا البحرية المنهارة.
 قبل بضعة أسابيع شاهدت مادة تلفزيونية وقف فيها وزير النقل السابق, الأستاذ عامر عبد الجبار, مدافعاً عن مياهنا وبحرنا الإقليمي, وكان خصمه في اللقاء عبقري من عباقرة السياسة, ظهر فيها (العبقري) وهو يضحك بصوت عال, مشككاً بمعلومات الوزير, قائلاً له بالحرف الواحد: (كيف أصبحت وزيراً للنقل وأنت تقول أن ميناء مبارك يقع على خور عبد الله ؟. أنت لا تدري أين يقع الخور). فرّد عليه السيد الوزير بعدما كاد يفقد صبره: (وأين برأيك يقع خور عبد الله ؟). لكن (العبقري) واصل الضحك والتهكم من دون أن يعلمنا أين يقع الخور, فشر البلية ما يضحك. حتى أنا الذي أفنيت زهرة شبابي في خور عبد الله, وقفت مندهشاً مصعوقاً مصدوماً من هول الصدمة, فقلت لنفسي: نعم صحيح أين يقع خور عبد الله ؟. فلا المذيع المحاور يعرف, ولا الضيف العبقري يعرف, ولا المتحذلقون يعرفون, ولا أحد يسمع صوت الوزير, فهل يسمعون صوتي أنا الفقير ؟, وهكذا ضاعت حقوقنا, وفقدنا سيادتنا في مغامرات الذين لا يميزون الخور من الهور, ولا يفرقون بين النهر والبحر, ولا يعرفون الجمل من الناقة.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *