رغم مرور عشر سنوات على احتلال العراق فان جانبا من اسرار وخفايا الحرب وماحصل خلالها لم تكشف تفاصيلها بعد خصوصا الاسلحة الاستراتيجية التي استخدمتها قوات الاحتلال في معارك المطار وعند خطوط الدفاع عن بغداد في جنوبها وغربها ودوافع توقعات وزير الدفاع سلطان احمد هاشم وصول القوات الامريكية الى بغداد بعد اسبوعين من بدء الحرب؟ ومن المناسب ونحن نستذكر الساعات والايام التي سبقت واعقبت احتلال بغداد من شاهد عيان يروي ماجرى على الارض لتسليط الضوء على تفاصيل غير مرئية للظروف التي ادت الى الاحتلال وكيف تصرف الرئيس الراحل صدام حسين والمسؤوليين العراقيين في تلك اللحظات الفاصلة في تاريخ العراق واوهمت قوات الاحتلال العالم انها باسقاط تمثال الرئيس الراحل صدام حسين في ساحة الفردوس عصر التاسع من نيسان عام 2003 بانها انهت الصفحة العسكرية في حربها مع العراق في حين كان صدام في نفس اللحظة في منطقة الاعظمية يحيي الجماهير التي التفت حوله في مفارقة بين مشهدين كانت تعيشه بغداد في ذلك اليوم الاسود في تاريخ العراق ومايكشف سيناريو الاحتفال باحتلال بغداد الذي جرى في ساحة الفردوس فان اكثر من نصف العاصمة العراقية وخمس محافظات عراقية هي الانبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى لم تصلها القوات الامريكية في حينها بعد من هنا كانت الرمزية في اسقاط تمثال صدام في وسط ساحة في قلب بغداد كرسالة للجميع مفادها ان بغداد والعراق كله اصبح تحت السيطرة وكان صباح العاشر من نيسان حزينا وكئيبا ومختلفا عن بقية الايام فالدبابات الامريكية تطوق ساحة الفردوس واتخذت من باحة فندقي المريديان والشيراتون مكانا لانتشار قوات المارينز وفي صباح ذلك اليوم تأملت مع زميل لي عبر شرفة غرفتنا في فندق المريديان نهر دجلة فشعرنا انه حزين وليس النهر الذي كنا نعرفة متدفقا وحيويا وجميلا حتى بدا لنا انه متوقف عن الجريان ومازاد من حزننا وقلقنا الرايات البيضاء المتدلية من شرفات الفندقين بعد ان قذفت اماكن تواجدهم مدفعية الدبابات الامريكية التي تسللت الى بغداد وقتلت وجرحت العديد منهم.لتفادي اي موقف مماثل وبعد اكتمال وصول طلائع القوات الامريكية الى قلب العاصمة واطرافها الغربية حتى تحولت الى مدينة اشباح يصول ويجول فيها اللصوص الذين دهموا المصارف الحكومية والاهلية فيما استباح اخرون المتحف العراقي ونهبوا مقتنياته امام انظار تلك القوات التي غضت النظر عن نهب وتدمير حضارة العراق وذاكرته التاريخية.. ولكن كيف تصرف صدام في تلك اللحظات واين كان المسؤولون العراقيون قبل وبعد التاسع من نيسان روي لي المرحوم سعد قاسم حمودي انه شاهد صدام بالقرب من جامع ام الطبول المؤدي الى المطار ظهر السادس من نيسان وهو يحمل السلاح ومحاطا بعشرات المقاتلين الذين كانوا يهتفون بحياته واستعدادهم للقتال والذود عن الوطن ومايؤكد رواية حمودي ماصرح به ضابط كبير للصحفيين الذي زاروا المنطقة ان صدام كان متواجدا في المنطقة المؤدية الى المطار وكان يحمل الار بي جي على كتفه وبصحبته نجله قصي ولاحظنا على جانبي الطريق مئات المقاتلين ومن العراقيين والعرب وكانوا في حال الاستعداد القتالي وبحسب رواية الضابط فان صدام اشرف على سير معركة المطار بكل تفاصيلها من موقعه في جامع ام الطبول القريب من المطارمشيرا ان قوات الحرس الجمهوري المدافعة على المطار كبدت القوات الامريكية خسائر فادحة وافشلت انزالا جويا عن حافته الغربية رغم التفوق الجوي الامريكي واتهم القوات الامريكية باستخدام اسلحة استراتيجية غير تقليدية في معركة المطار بعد ان شعرت انها ستتعرض الى هزيمة منكرة فقرر ت الاستعانة بسلاح محرم دوليا ادى الى شل قدرة القوات المدافعة عن المطار بفعل السلاح المستخدم الذي اوضح انه تسبب في شل حركة اطقم الدبابات ومنظومات الدفاع الجوي الى حد احتراقهم ونفوقهم وهم في اماكنهمفي هذه اللحظات الحاسمة امضى صدام ليلته في جامع ام الطبول غربي بغداد حيث توجه صدام ظهر التاسع من نيسان الى منطقة الاعظمية وحيا الذين تجمعوا لتحيته وكان معه وزير الدفاع سلطان هاشم احمد وولده قصي وبعض افراد حماية وعندما انتهى من ذلك اصطحب معه سكرتيره عبد حمود وثلاثة فقط من حمايته وتوجه الى جهة مجهولة وكان صدام الذي رفض الانذار الذي وجهه بوش الابن القاضي بمغادرته وولديه العراق خلال 48 ساعة من بدء الحرب ودع عائلته في اجتماع مؤثر في احد مزارعه في منطقة الدورة جنوبي بغداد وكشف مصدر مطلع ان نجلي الرئيس الراحل صدام حسين عدي وقصي وابنه مصطفى توجها الى سوريا بعد الاحتلال بعدة ايام الا ان السلطات السورية ابلغتهما بمغادرة اراضيها والموقف السوري تكرر مع شقيقي صدام وهما سبعاوي ووطبان ووزراء ومسؤولين عراقيين كبار في حين استضافت احدى القبائل العراقية زوجة صدام وكريماته واولادهما وكان الصحفيون اصيبوا بحيرة واستغراب بعد استدعائهم على عجل الى مؤتمر صحفي في فندق المنصور المطل على نهر دجلة في اليوم الثالث للحرب وفوجئوا باعلان وزير الدفاع سلطان هاشم احمد ان طلائع القوات الامريكية ستصل بغداد في غضون اسبوعين وكان وزير الاعلام محمد سعيد الصحاف الى جانب وزير الدفاع وهو يشرح على خارطة سير المعارك بدا حزينا لكنه لم يرمش له جفن حين تسقط الصواريخ على المنطقة التي يقع فيها الفندق حتى ان طاولته اهتزت من عصف القصف وارتداداته عل القاعة وابوابها وشبابيكها لكن الرجل بقي صامدا غير مكترث بما يجري خارج القاعة وفوجئنا في اليوم التالي لتصريح وزير الدفاع بدعوة الصحفيين الى مؤتمرين صحفيين لنائب الرئيس طه ياسين رمضان ووزير الخارجية ناجي صبري اكدا خلالهما على قدرة القوات العراقية على احباط اي محاولة للاقتراب من حافات بغداد بفعل الاستحضارات المحكمة عند خطوط الدفاع عنها فسره الصحفيون بانه ردا على توقعات وزير الدفاع ونظم المركز الصحفي في وزارة الاعلام جولة للصحفين العرب والاجانب لبعض مناطق التماس جنوبي بغداد التي زعمت قوات الاحتلال انها وصلتها غير اننا شاهدنا حطام دبابات وعربات نقل امريكية محترقة ومتناثرة على الطريق السريع و تواجد لعشرات الجنود العراقيين والياتهم تحدثوا عن معارك شرسة مع القوات الامريكية وكان وزير الاعلام محمد سعيد الصحاف يوجز الصحفيين يوميا سير المعارك وعقد نحو 20 مؤتمرا صحفيا خلال فترة الحرب ولغاية التاسع من نيسان الذي انتقل الى المقر البديل لوزارة الاعلام الكائن في منطقة الاعظمية وبقي حتى مساء ذلك اليوم واستلم رسالة مكتوبة بخط صدام موجهة للعراقيين يدعوهم فيها لمقاومة الاحتلال وفي صبيحة اليوم التالي اي العاشر من نيسان واثناء ما كنا متجمعين في ساحة الفردوس أقترب مني شخص لا أعرفه وقدم لي بيانا مطبوعا صادرا عن القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية يدعو لمقاومة المحتل وطلب مني استخدامه في رسالتي اليومية الى اذاعة مونتي كارلو الذي كنت مراسلا معتمدا لها بالعراق وعلى الفور أعددت تقريرا عاجلا أشرت فيه الى ان المقاومة ضد الاحتلال بدأت بعد يوم من احتلال العراق كأول رد فعل على احتلاله واشرت الى انها اسرع مقاومة في التاريخ اذ اعلن عن مقتل جندي امريكي جنوب بغداد في نفس اليوم .وبعد مرورعشر سنوات على غزو العراق واحتلاله هل اصبح العراق واحة للاستقرار والرخاء والازدهار كما زعمت ادارة بوش الابن في مبرراتها للحرب ا؟.الجواب يتلخص بهدر نحو 700 مليار دولار من اموال العراقيين منذ عام 2003 وحتى الان من دون ان يلمسوا اية نتائج تقربهم من العيش بامان ورفاهية واستقرار .واذا رصدنا حال العراق بعد عقد على احتلاله سنرى المأساة التي حلت به وبامواله وفشل المشروع الامريكي طبقا للمعطيات التالية· ادخلت المحاصصة الطائفية والعرقية في النظام السياسي الجديد الذي قسم العراقيين على اساس العرق والطائفة .· استشراء الفساد في تفاصيل الدولة الى حد تصدره الى قائمة الدول الاكثر فسادا بالعالم .· هدر نحو 30 مليار دولار على المنظومة الكهربائية من دون ان يرى العراقيون النور لعدة ساعات باليوم .· انتشار البطالة وتراجعت فرص العمل بسبب توقف العمل بالمشاريع الصناعية والزراعية والخدمية .· هدر نحو 700 مليار دولار هي المتأتية من عوائد النفط من دون معالجة مشكلة الاحتلال وسعادة العراقيين .· تراجع العناية بصحة المواطن بتدني وانهيار الواقع الصحي .· هجرة نحو ثلاثة ملايين عراقي خارج العراق بفعل فشل الدولة في توفير الامن والاستقرار لهم .· تغول المليشيات المسلحة في الخطف والقتل والابتزاز .· توقف عمل المشاريع وتحول العاملين من مؤسسات الدولة الى مجرد ارقام من دون عمل فعلي .· .مقتل واصابة اكثر من مليون عراقي على مدى العقد الماضي· سن دستور ناقص لم يحظ باجماع العراقيين فتح شهية الداعين الى الاقاليم والفدراليات .· استخدام سلاح الاقصاء والعزل السياسي والتهميش الذي حرم قطاعات كبيرة من العراقيين من حقوقهم المشروعة .· حل المؤسسة العسكرية التي كانت ضامن لوحدة العراق وامنه واستقراره .· ترمل نحو مليون امراة ومثلهااطفال ويتامى ومشردين.·
· خلو العراق من اي دور فاعل ومؤتمر في محيطه العربي والدولي وتحوله الى دولة فاشلة . .· تحول العراق بعد احتلاله الى ساحة للتدخل الاقليمي في شؤونه الداخليه .· تحولت بغداد الى اسوء مدينة بالعالم بعدما كانت حاضرة العالم وقبلتهم .
.