أيها الحادي إليها قــــف على أيمن الوادي ونادي يا كرام
في نواحي موصل الحدبا لكم عبد رق نوحه فاق الحمام
(الروض النضر2/343). صبر أهل الموصل على الحكومة صبر ايوب، ولقوا من طائفيتها ما لا يُغفر من الذنوب، حكومة غارقة في الفساد والعيوب، ما تزال جثث الموصليين تحت الأنقاض، كأنما تبغي الحكومة لأهل الموصل الإنقراض، بلغ الغضب ذروته والإمتعاض، وشرارة الثورة قادمة عبر الإنتفاض.
غالبا ما ترد على مسامعنا عبارات مبهمة تدل على تخوف من يَدلي بها من القوى السياسية في العراق، سيما من زعماء أهل السنة (جحوش المالكي) الذين يخشون تسميتها بالإسم الصريح فيستخدمون مثلا ( فصيل مسلح، قوة خارج سيطرة الدولة، ميليشيا مسلحة، فصيل يدعي نفسه من الحشد، قوة خارج القانون). بالطبع كل هذه الطلاسم يمكن الإجابة عنها بعبارة واحدة، وهي الحشد الشعبي.
غالبا ما يتعمد المسؤولون العراقيون الإبتعاد عن كلمة الحشد على إعتبار انه يمثل الدولة العميقة، ولا يمكن لأي جهة بما فيها الحكومة العراقية والبرلمان والقضاء ان تنال من سمعة الحزب المنضوي تحت جناح الحشد الشعبي، لسبب واحد، وهو ان الحشد تابع لإيران ويأمر بتوجيهات الجنرال سليماني بإعتراف زعمائه، لذا جميع الزعماء الشيعة يطلقون وصف (الحشد الشعبي المقدس) ولا نعرف من أي جهة أتته صفة التقديس، هل لأن المرجع الشيعي علي السيستاني أطلق فتوى الجهاد الإكفائي، لكن كما هو معروف ان الفتوى لا علاقة لها بالحشد ولا هيئتة، بل دعت الفتوى العراقيين الى الإنخراط في القوات المسلحة لمحاربة داعش، وليس تشكيل هيئة مستقلة تستلم الرواتب من الحكومة العراقية وتنفذ أجندة ايرانية، كما سيتبين في تصريح النائب الأسدي في أدناه. وان كات صفة التقديس أطلقت بسبب ان الحشد دافع عن العراق وقاتل تنظيم داعش الإرهابي، فلماذا ينفرد الحشد بهذه الصفة وخسائره كانت أقل من خسائر الجيش والشرطة الاتحادية، اليس من العدل ان تُطلق صفة المقدس على التحالف الدولي أيضا الذي قام بطلعات جوية وتقديم معلومات استخبارية لولاها لما تمكن القوات العراقية بكل صنوفها من إستعادة شبر واحد من تنظيم داعش الإرهابي. ذكرت القوة المشتركة في بيان لها” أن التحالف نفذ 32397 ضربة في العراق وسوريا بين أغسطس 2014 ونهاية 2018″. الا يعني هذا ان التحالف الدولي والجيش العراقي والشرطة الاتحادية والحشد العشائري مشمولون أيضا بصفة التقديس؟ إذن لماذا الحشد الشعبي مقدس فقط؟
الحقيقة لا يوجد في الأرض جيش مقدس لا قديما ولاحديثا، كل الجيوش في العالم ترتكب اخطاءا خلال الحروب، على أقل تقدير قتل المدنيين وتخريب المدن، واستنزاف اموال الدولة وإنتهاكات حقوق الإنسان وغيرها. لذا لا توجد حروب مقدسة، وهذه الصفة أستعيرت من الحروب الصليبية ولا وجود لها عند العرب والإسلام، والا لأعتبر النبي (ص) قواته المحاربة في غزواته كبدر وأحد وغيرها مقدسة.
نسأل: كيف تكون قوات المهاجرين والأنصار الأوئل غير مقدسة، وقوات الحشد الشعبي مقدسة؟
لو القينا نظرة خاطفة على الإنتهاكات التي قام بها الحشد الشعبي منذ تأسيسه لحد الآن والتي ذكرت في التقارير الدولية كمنظمة العفو الدولية ومراقب حقوق الإنسان، لرفعنا على الفور صفة التقديس ووضعنا بدلا عنها صفة الإجرام. ربما لو كانت عناصر الحشد الشعبي ملائكة منزلة من السماء لأعتبرت مقدسة في هذه الحالة فقط، لكن ان يتكون الحشد من عناصر جاءت بسبب البطالة ولسد لقمة العيش، فهم إذن خليط يجمعهم المذهب لا غير، بمعنى انه حشد طائفي وغير وطني، ومن يظن ان البعض جاء بسبب فتوى السيستاني فهذا الأمر تنفيه تظاهراتهم عندما تأخرت الحكومة عن دفع رواتبهم، وهددووا بالإنسحاب من مناطق تواجدهم. لا الملائكة ولا الأنبياء ولا الأئمة ولا اي انسان ولا أي مكان يعتبر مقدسا، حتى الكعبة نصفها بالمشرفة وليس المقدسة، القداسة لله وحده ولكتبه فقط.
الحقيقة ان الحشد الشعبي تأسس قبل صدور فتوى السيستاني، بل جاءت الفتوى للتغطية على الدور الإيراني في تشكيله، فقد ردد عدد من المسؤولين الايرانيين تصريحات حول رغبة النظام الإيراني بتشكيل قوة في العراق على غرار الحرس الثوري الإيراني، وعُهد الأمر برئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي صرح عدة مرات بأنه هو الذي شكل الحشد الشعبي، وهذه حقيقة على الرغم من ان نوري المالكي معروف بكذبه، لكنه كما يقال في المثل” يفوتك من الكذاب صدق كثير”. الحقيقة ان الكثير من المسؤولين في العراق يعرفون ان نوري المالكي وابو مهدي المهندس وقيس الخزعلي وهادي العامري هم اركان الدولة العميقة في العراق. لاحظ ولا واحد من هولاء العملاء واسى أهل الموصل ولو بكلمة واحدة، انه الحقد الطائفي والتبعية لولاية الفقيه التي التزمت هي وسفيرها بعدم تقديم المواساة للحكومة العراقية على هذه الفاجعة. قال أَبُو الْحسن النعيمي:
صرح (نجم الجبوري) قائد عمليات نينوى “هناك مكاتب إقتصادية عديدة في محافظة نينوى، لكنها متابعة من قبلنا بشكل دقيق، ولدينا كل المعلومات حول عملهم، وسنعمل على مراقبتها بشكل أكبر خلال الأيام القادمة.
قبل التحدث عن هذه المكاتب نود الإشارة بأن معظم ممثلين اهل السنة هم من عشيرة الجبور، رغم ان هذه العشيرة لا تقل أهمية وعددا عن بقية العشائر العراقية، فعلاوة على نجم الجبوري المكور في أعلاه، هناك قتيبه الجبوري، احمد عبد الله الجبوري (ابو مازن)، سليم الجبوري، مشعان الجبوري، مثنى الجبوري، احمد مظهر الجبوري، هيثم الجبوري، احمد طالب الجبوري صلاح الجبوري، سلمان الجبوري، بادع الجبوري، د. عبد الله الجبوري، راكان الجبوري، والمئات من النواب والنائبات والمدراء العامون وقادة الجيش، إنها حالة غريبة تسترعي الإنتباه.
المهم ان نجم الجبوري يعلم ان هذه المكاتب غير شرعية، ويدعي أنه يراقبها، فلماذا لا يغلقها طالما انه يعرف كل المعلومات عنها؟ هل وظيفته هي المراقبة فقط؟
ولماذا يتعهد الجبوري بمراقبتها بشكل أكثر، هل يُفهم من كلامه بقائها رغم انف الجميع؟
وما فائدة المراقبة لمكاتب غير شرعية، هل ستغير تنهجها من سرقة النفظ والإستئثار بالمشاريع الى التبرع بوارداتها لتعمير الموصل مثلا؟
واين كان هذا الجبوري منذ تحرير الموصل وعبث الميليشيات الشيعية بمقدرات الموصل؟ الا يعني هذا انه كان يتستر على أفعالها سيما اننا لم نسمع منه يوما اي كلام عن المكاتب الإقتصادية قبل فاجعة عبارة الموت؟ الفريق نجم الجبوي بسكوته المريب وتستره عن عمل المكاتب، انما هو جزءا من عملية الفساد في الموصل.
سؤال للجبوري من أحد الكتاب الفضلاء” من المعلوم ان الشبك في الموصل يستبحونها بكل صلافة وحقد وهم من اهل الموصل الاصليين ويعرفون الاغنياء والشخصيات والاراضي وهم اداة طيعة للحشد الشعبي وهم يتجولون في الموصل بسيارات مظلله وعلي المكشوف ويعرفونهم اهل الموصل بحكم العلاقات فيما بينهم وهم يحملون اعلام حزب الله اللبناني والشعب متذمر منهم وامام انظار الاجهزة الامنية التي لاتستطيع الوقوف امامهم ومنعهم”. لماذا لا تمنعهم يا نجم جبوري، اليس هذا من صلب واجباتك؟
لا أحد يجهل ان المكاتب الاقتصادية موجودة في كل الأحزاب الشيعية، وهذه المكاتب هي المسؤولة عن توريد الأموال للحزب، فهي البقرة التي تحلب أهل الموصل وتمد الأحزاب الشيعية بالمال. وفي الموصل تم تشكيل مكاتب اقتصادية سيطرت على ثروات الموصل، وكافة المشاريع التي تقام في الموصل، سيطر الحشد على المقدرات الاقتصادية في نينوى، وأخذت هذا المكاتب الرشاوي والأتاوات من المواطنين أسوة بالجزية التي كان يستوفيها تنظيم داعش الارهابي. الحقيقة لا توجد مقرات وهمية للحشد في الموصل، كما يزعم بعض القادة في الحشد، وانما هذا تبرير سخيف يرفضه واقع الحال، فليس من المعقول ان تقوم اية جهة كانت بفتح مكتب اقتصادي ولديها قوات مسلحة وتنتحل صفة الحشد الشعبي بهذه البساطة، في ظل وجود الحشد داخل المدينة، وقادته ساكتون عن هذا الأمر المسيء للحشد. كما قيل حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له. فمن المعروف ان هذه المكاتب تمنع اصحاب الشركات من حضور المناقصات لغرض التعمير، وقال قائد شرطة نينوى ان فصيلا مسلحا يستولي على حقول النفط بتسهيل من الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وان المكاتب الاقتصادية تسرق أضابير العقارات العائدة للدولة وتسجلها بأسماء تابعة لها، والأعجب انها تبيعها الدور والمحلات العائدة لعناصر داعش.
نطرح السؤال التالي: لماذا توجد مكاتب اقتصادية للأحزاب الشيعية في المحافظات ذات الأغلبية من أهل السنة؟ ولا توجد مكاتب اقتصادية مثلا للحزب الإسلامي مثلا في المحافظات ذات الأغلبية من الشيعة؟
عندما يتحدث النائب احمد الجبوري (تحالف البناء الذي يضم فصائل الحشد الشعبي) عن معاناة أهل الموصل وإبتزازهم من قبل المكاتب الإقتصادية للحشد الشعبي، في الوقت الذي لم نسمع يوما أحد من الزعماء الشيعة يتحدث عن المكاتب الإقتصادية إلا بعد فاجعة عبارة الموت في الموصل والتي راح ضحيتها ما يقارب (200) فردا معظمهم من الأطفال والنساء!
هناك إصرار على بقاء مكاتب الحشد رغم أنف البرلمان والحكومة والقضاء، فقد صرح المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية، إن برهم صالح شدد خلال استقباله في قصر السلام ببغداد، في 25/3/2019 نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، على ضرورة احترام سيادة العراق والالتزام بالدستور والقوانين ووجوب الغاء المكاتب الاقتصادية للحشد في عموم العراق، واكد على المهندس ابعاد فصائل الحشد من التدخل في شؤون عمل المحافظات. وكان رد المهندس بعدم الغاء الحشد لمكاتبه الاقتصادية وقرارات الحشد (مستقلة عن الدولة العراقية ).
أي ان الحشد تابع لإيران وليس للحكومة العراقية سلطة عليه. لاحظ العنجهية الفارسية في كلام الإرهابي الدولي ابو مهدي المهندس، الذي صرح بأنه في حال فطسه سيدفن في ايران وليس العراق، ولاء منقطع النظير للولي الفقيه.
وهذا ما أكده النائب أحمد الأسدي في 25/3/2019 في مؤتمر صحفي بشأن ملابسات غرق العبارة في الموصل بقوله” ان هناك أصواتا ودعوات تنطلق اليوم هي صدى لما تردد قبل خمسة أعوام لإعاقة مهام الحشد من تأدية واجبه ومهمته في تحقيق مشروع الإمام خميني”. مؤكدا” ان الحشد الشعبي وانتشار قطعاته يتم بأمر من قاسم سليماني حصرا، ولكن موازنته المالية من الخزينة العراقية”.
لا نعرف ما هي علاقة أهل الموصل بمشروع الخميني؟ وكيف تنفق الحكومة العراقية المليارات من الدولارات سنويا على الحشد الشعبي الذي ينفذ مشروع الخميني في العراق. اليست هذه هي الخيانة العظمى؟