ما قد تُخبرنا السياسة عنهم

ما قد تُخبرنا السياسة عنهم
آخر تحديث:

بقلم:سمير داود حنوش

أدهشونا بقابلياتهم العجائبية في تحويل كل ما هو نظيف وجميل إلى كومة من التفاهة والانحطاط، وكل خط مستقيم إلى معوج وساكن في قعور الظلال.لم يتركوا لنا شيئاً نأسف عليه، حتى مقدسات السماء التي نزلت إلى الأرض أمسكتها أياديهم لتتلوث بتفاهاتهم وأمزجتهم المريضة، فمارسوا باسمها القتل وتحت شعاراتها النهب والسرقة وهم ملتحفون بسورها ومقدساتها.السياسة في العراق ليست شيئا مقدسا خاليا من الأخطاء بعد أن أصبحت أمزجة البشر تجيّرها لمصالحها ورغباتها الشخصية لتكون نارا تحرق بعد أن كانت طريقا يضيء.مفاهيم العمل السياسي تعرّت من المثالية والعمل الجماعي ولم تعد تخدم إلا أهداف سدنة المعبد، وضاع علينا نحن الفقراء طريق الذهاب وحتى الإياب عندما أصبح الجميع يتآمر على الجميع في هذا العالم الضائع من الوطن.

هل نحن نعيش في رأسمالية النظام التي تولد لنا البؤس والفقر أم لا نزال في عصور الاشتراكية التي خدعتنا بزيف المساواة بين المواطنين وتمارس علينا كل وسائل الاضطهاد والإذلال؟أيّ شعارات وأصوات احترمت الزيف والكذب تصدح فينا وتقنعنا بما يريدونه؟ كروش منتفخة، أوداج وردية، قصور فارهة، نعيم صمموه بعناية فائقة، حياة لا ينقصها أي شيء سوى خلودهم في الحياة.أما نحن البؤساء كما يسمينا فيكتور هوغو أولئك الذين يتم خداعهم مرات كثيرة بنفس الوجوه والشعارات، فمهما بلغت كثرتنا فنحن في نظرهم مجرد أرقام أو على أقل تقدير بضائع في متاجرهم السياسية، أحياء أو أموات في آن واحد، متفرجون على مسرحياتهم التي تعرض فصولها على خشبة المسرح، يستعين بنا الساسة في مواعيد الانتخابات وفي حروبهم الدامية حين يجري استدعاؤنا، كأي كبش فداء ليقرأوا علينا آياتهم المعتادة قبل الذبح لقاء شعاراتهم المعتادة “الموت لكم والحياة لنا”.

في الوطن أصبحت حياتنا واجهة سياسية أو فترينة لعرض الدمى وتماثيل يسخر من ينظر إليها، وحياة موغلة بالسخرية والاستهزاء وفي مستويات لا توصف من الانحطاط إلى درجة أن المواطن البسيط بات يتمنى أن يشعل نارا عملاقة ويحرق فيها كل الساسة وسدنة المعبد ليتخلص العالم من شرورهم وسيئاتهم، لكننا نتذكر أنها من أعمال الله التي لا قدرة لبشر عليها.حتى أسباب المقاومة الضعيفة التي تستعين بها، مثل توفير فرص عمل أو إدامة الكهرباء أو حتى ماء صالح للشرب أو تلك الأحلام البسيطة المتواضعة التي تحقق لنا الكفاف والانزواء بعيدا عنهم، لم نعد نحصل عليها، بل باتت من المستحيلات.

أحيانا كثيرة نتمنى أن تتوقف الأرض عن الدوران لتتوقف مطارقهم التي تدق على رؤوسنا أو على الأقل يكون يوم من الهدنة والتصالح، لكن في النهاية ندرك كما خبرناهم أنهم لن يتوقفوا عن الطرق مهما توقف العالم عن الدوران، حتى وإن استسلمنا لهم وتصالحنا معهم لن يتوقفوا عن ممارسة دورهم في إذلالنا وتركيعنا وإبادتنا إن استطاعوا.هل هذه السياسة التي نقصدها وتقصدنا؟ ومتى كانت هذه القذارة والخبث من صنع الوطن الذي نعيش فيه بهذا الكم من الدسائس والمؤامرات التي تملأ بها عقولنا؟حياتنا أصبحت جحيما بفعل سياستهم، وأيامنا مجرد أرقام تُحذف من رزنامة التقويم بجرة قلم، لم يعد يعنينا الليل من النهار، وفي النهاية نحن مجرد دمى يحركونها متى يريدون وكيف يشاؤون، مع العلم أنهم أيضا دمى يحركها من هو أكبر منهم وأعلى درجة، وتلك هي سنة السياسة، ألا اللعنة على تلك السياسة، وبئس السياسيون الذين يعملون بها.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *