بعد أيام قليلة، سيكون محمد شياع السوداني ضيف الرئيس بايدن في البيت الابيض،في لحظة تأريخية مفصلية،تعيشها منطقة الشرق الاوسط ، وسط أجواء حرب عالمية ثالثة ،وتهديدات حادة وخطيرة،من المحتمل إنطلاق شرارتها بين لحظة وأخرى، بين إسرائيل وحلفائها،وإيران وأذرعها المسلحة وفصائلها الولائية ،في العراق واليمن وسوريا ولبنان،بعد قصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني،والذي سيكون هذا التأريخ علامة فارقة بين عصرين،عصرماقبل الضربة ،وعصر مابعد الضربة،وفي خضم هذه التهديدات الساخنة، تأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي الى البيت الأبيض، للقاء الرئيس الأمريكي جوبايدن، فماذا يحمل السوداني في جعبته من ملفات، وماذا أحضر له الرئيس بايدن من مفاجآت سياسية ،وقرارات وإملاءات امريكية تخص تواجد قواعده وقواته في العراق، وتجديد بقاؤها ضمن الإتفاقية الإمنية،
وأرى أن هذه الزيارة لرئيس وزراء عراقي،هي فرصة أخيرة،لحسم مواضيع ومشاكل وأزمات خطيرة جداً ،يعيشها العراق،بسبب فشل الأحزاب التي تديرالعملية السياسية ،منذ غزوواحتلال العراق، وإلى يومنا هذا، وهو فشل أمريكي بإمتياز، بوصفها هي من أتت بهذه الاحزاب ،ونصبتهم حكاما على العراق لنشر الديمقراطية،والسوداني يحمل في جعبته ملفات غاية في الأهمية ، حمّلها له الإطار التنسيقي، لحسمها مع واشنطن، أهمها وأولها،التواجد العسكري الأمريكي في العراق، ومصير الفصائل الولائية المسلحة، والحشد الشعبي ،والنفوذ الإيراني المحكم على العراق، والذي يهدّد أمريكا ومصالحها الإستراتيجية في العراق والمنطقة عموماً،وكذلك تجسير العلاقة بين بغداد وأربيل ،وضمان أمن وإستقرار إقليم كردستان العراق، من خطر تهديد إيراني – تركي،وهذا طرحه وحصل تأييد الرئيس بايدن والبيت الابيض عليه، السيد مسرور برازاني في زيارته الأخيرة لواشنطن، والتي لاقى حفاوة غير مسبوقة وإستثنائية في البيت الابيض والكونغرس، ربما لن يلقها السوداني في زيارته المرتقبة للبيت الابيض،ثم الرسالة الأخيرة التي يحملها السوداني ،هي تقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران، كوسيط لتفكيك الأزمة بينهما، ونزع صاعق وفتيل الحرب في المنطقة، الذي تلوّح به وتهدّد به طهران، بعد قصف قنصليتها في دمشق، إذن هي رسالة قوية ايرانية، يحملها السوداني لواشنطن تدعو الى التهدئة، وعدم توسعة الحرب ونقلها خارج غزة ، لأنها ستطال الجميع ومصالح الجميع، وهذا ما لاتريده لا واشنطن ولا طهران، في الظاهر، ولكنهما يؤججانه داخلياً ،
مستخدمين أذرعمها في تنفيذ أجندتهما في المنطقة ،ومنها المواجهات الجارية بين اسرائيل وأذرع ايران وفصائلها،أي الحرب بالإنابة ،إضافة الى ملفات التوازن الحكومي في الحكم، وعدم السماح للفصائل الولائية التحكم بالسلطة، والسيطرة على وزارات ومؤسسات الدولة الحساسة،وتنفيذ أجندة ايرانية في العراق، وكذلك ملفات إقتصادية وملفات الكهرباء والغاز الإيراني،هذه هي أبرز الملفات العويصة، التي يعاني منها السوداني في ولايته، والتي يريد من واشنطن حلها له، بعد الضغوط الكبيرة التي تواجهه، وتهددّ حكومته بالسقوط من قبل الإطار التنسيقي،فيما أعدّت إدارة الرئيس بايدن، والرئيس بايدن شخصياً، ملفات هامة جداً، تعزز حملته الدعائية الانتخابية داخل أمريكا، والتي يواجه بايدن إنتقادات قاسية ،من الشارع الأمريكي في قضية دعمه لإسرائيل في حرب غزة ،وعدم إيقاف الحرب، والتي أوصلت سمعة بايدن الى الحضيض ،وخسارته في عدة ولايات أمريكية ، وصعود حظوظ الرئيس ترمب ،وسيجعل السوداني والعراق في موقف ضعيف جدا ،اذا ما فاز ترمب في الانتخابات الرئاسية،كما سيكون في لحظة اختبار أمام طهران، في توازن مصالحها مع مصالح أمريكا في العراق،فالسوداني هو الآن بين مطرقتين مطرقة بايدن، ومطرقة إيران، كما هو في وضع الضعيف والمُهدّد اذما فاز ترمب في الإنتخابات، إذن زيارته لواشنطن تحمل في أجندتها ملفات مصيرية للسوداني والعراق معاً، وهو أيضاً محل إختبار أخير للإطار التنسيقي ،الذي يتربّص به ويهدده بإسقاط حكومته ،إذا ما لم ينفّذ قرارهم ،بطرد القوات الامريكية وقواعدها العسكرية من العراق،وهو في كل الأحوال أمام إختبارات صعبة بل مستحيلة، لإرضاء هذه الأطراف وإقناعها في سياسته ،التي تؤكد على مسك العصا من الوسط، دون إغضاب طرف على حساب الطرف الاخر، وهو خياران أحلامها أمرُّ وأقسى من الآخر،بين إرضاء واشنطن وأغضاب طهران، أو أرضاء طهران وإغضاب واشنطن،
لهذا قلت أن زيارة السوداني هي فرصته الأخيرة، لحكومته وللعراق أيضا،والمنطقة كلها تعيش على صفيح حرب ساخنة، قبل الإنفجارالمرتقب،والحتمي أيضاً،وسيكون مسرحها الأساسي هو الأراضي العراقية أولاً، بعد تصريح رئيس أركان الحشد الشعبي أبو فدك في طهران، والذي قال فيه(أنه ينتظر الإشارة من المرشد الأعلى خامنئي للمشاركة في الحرب)، وإعتبرته أمريكا والبيت الأبيض،تهديداً مباشراً لمصالحها وقواعدها في العراق والمنطقة، من قبل الحشد الشعبي في العراق،وهذا يجعل الحشد الشعبي وفصائله في مواجهة أمريكا ،وإلتحاقه في الخندق الإيراني اذا ما وقعت الحرب، مما إستفز ادارة بايدن، وإنتقادها لهذا التصريح الخطير،إذن مهمة السوداني وزيارته لواشنطن ، لن تحقق مايريده الإطار التنسيقي ،وهو مغادرة القوات العسكرية وغلق القواعد الأمريكية،والذي سوف لم يكون على طاولة حوار بايدن – السوداني، ولن تحقق ايضا ماتريده طهران في رسالتها التي يحملها السوداني، بتقريب وجهات النظر، وتفكيك الأزمة بين واشنطن – طهران، لضمان مصالح الطرفين ونفوذهما في العراق،خاصة وأن السفيرة الامريكية ببغداد إلينا رومانيسكي ،تعمل ليل نهار وتلتقي برموز وزعماء الإطار التنسيقي ،لضمان مصالحها في العراق، وتحجيم النفوذ الإيراني فيه، وهذا مايقلق إيران وفصائلها الولائية،نعم الزيارة لن يرجى منها سوى تبليغ السوداني، قرارات البيت الأبيض، بعدم طلب الإنسحاب، ويجب وضع حد للفصائل الولائية ، وتحجيم تدخلاتها في الوزارات وغيرها، وإبعاد النفوذ الإيراني من العراق ،وتقليل التبادل التجاري والاقتصادي مع طهران، وخاصة فيما يخص الغاز والكهرباء،
وعدم سيطرة إيران على القرار العراقي السياسي والإقتصادي،إضافة الى التهميش والإقصاء السياسي للمكونات الأخرى، كما يحصل الآن مع الإقليم والمكوّن السني،هذه ملفات يجب أن ينفذها السوداني في حكومته، بعيداً عن ضغوط الإطار التنسيقي،هذه هي أهمية وهدف قبول إدارة الرئيس بايدن، باستقبال السوداني في البيت الأبيض بعد أيام ، والتي تأخذ على عاتقها البعد الإنتخابي لبايدن، والبعد العسكري وتواجده في العراق،والذي هو ورقة يلوّح بها الإطار، ويعدها هدف رئيسي لنجاح السوداني والإطار معاً، في الحكومة وتعهداته أمام جمهوره،الزيارة لن تحقق كامل أهدافها، رغم أهميتها القصوى للطرفين، ولكن للتعقيدات الدولية، والموقف الأمريكي المناصر والمشارك في حرب غزة، سيجعل من الزيارة بروتوكولية ،وتسويق إعلامي ،ودعاية ترفع رصيد بايدن المنهار، وهو يلاقى الرئيس ترمب في انتخابات مصيرية لكليهما ،أكثر مما هي زيارة لتصحيح مسار العملية السياسية الفاسدة والفاشلة في العراق،من وجهة النظر الأمريكية، وما يحيط من خطر حرب داهم للمنطقة، تقوده طهران وأذرعها، قد يعرّض الشرق الأوسط كله ،الى دمار وخراب ،لايشبهه خراب في التأريخ ،فهل ينجح السوداني في مهمته ،التي إنتظرها طويلاً، للقاء الرئيس بايدن وزيارة البيت الأبيض ، بعد وساطات جهات عربية وغربية،وآخر وساطة فضحه فيها عبر الفضائيات،السياسي التطبيعي مثال الالوسي…!!!!!