تركيا بين خيارين

تركيا بين خيارين
آخر تحديث:

بقلم: أحمد صبري

على الرغم من أنَّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لَمْ يحسم الجولة الأولى للانتخابات التي جرت في الرابع عشر من الجاري لصالحه، إلَّا أنَّه حلَّ أوَّلًا مقارنة مع نتائج منافسه كليشدار أوغلو مرشَّح المعارضة التركيَّة في السباق الرئاسي.وتصدُّر أردوغان نتائج الجولة الأولى للانتخابات ربَّما يمهد الطريق له للفوز في الجولة الثانية للانتخابات التي ستجرى في الثامن والعشرين من الجاري بحسب العديد من مراكز الاستطلاعات التركيَّة والأجنبيَّة،

ويُراهن أردوغان في سعيِه للفوز على عدَّة عوامل أبرزها الخلافات داخل التحالف المعارض، ومَيل المرشَّح الثالث للانتخابات سنان أوغان للتحالف مع أردوغان الذي تحوَّل إلى بيضة القبَّان في السباق الرئاسي كما يراهن على دعم يد مؤيديه في المُدن التي ضربها الزلزال، ويَعد الشباب بمستقبل واعد ومشاركة فاعلة في الحياة السياسيَّة.ولَمْ يُخفِ أردوغان موقفه من مسار التحوُّلات التي أجراها على صعيد لعبه للدَّور المحوري في الأزمات التي تعصف في المنطقة والعالم كلاعب في إطفاء حرائق الأزمات من حَوْله بتأكيده مجددًا على السَّير في ذات الطريق الذي أوصله إلى سدَّة الرئاسة منذ مشواره السياسي الذي بدأ قبل عشرين عامًا الماضية.وما يُعزِّز فرص طموح أردوغان للفوز في جولة الإعادة الثانية تصدُّر أنصاره في البرلمان التركي في تحقيق الأغلبيَّة فيه، وهو الأمْرُ الذي سيساعده في المُضيِّ قُدمًا في عمليَّة التحوُّلات التي تشهدها تركيا أبرزها العلاقات مع كُلٍّ من الولايات المُتَّحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، إلى جانب الأزمة السوريَّة وحلم أردوغان بجعل بلاده إحدى القوى الكبرى عالميًّا.

أمَّا الوجْه الآخر لمسار السباق الرئاسي فهو احتمالات فوز كليشدار أوغلو بالانتخابات الذي وصفه وحذَّر منه أردوغان بالقول: إنَّ شَعبه سيدفع ثمنًا باهظًا إذا نجحت المعارضة في استلام السُّلطة.ومهما كانت التحدِّيات التي تواجه تركيا وتعاطي مرشَّحيها في مسار السباق الرئاسي فإنَّ ملف اللاجئين السوريين وأزمة الركود الاقتصادي، وانهيار العملة التركيَّة وتهديد تحالف المعارضة التركيَّة بالعودة إلى النظام البرلماني، وإلغاء حصر السُّلطة في يد الرئيس، وهو الأمْرُ الذي شرعه أردوغان في الاستفتاء على دستوريَّته هذه الملفات المتراكمة، وغيرها هي من تحدِّد اتِّجاهات الريح التي تعصف بالبلاد وكيفيَّة مواجهتها بعيدًا عن الوعود الانتخابيَّة التي عادة سرعان ما تتبخر بعد انتهاء الانتخابات.

لقد بات واضحًا أنَّ الخريطة السياسيَّة طبقًا لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات غير واضحة المعالم؛ لأنَّ المعارضة أشهرت جميع أسلحتها السياسيَّة بوجْه أردوغان إلى حدِّ اتِّهامه بالتلاعب بأصوات الناخبين لصالحه في محاولة لإعادة تموضع سياسي جديد لتركيا. وهذه الأسلحة السياسيَّة التي تناور بها المعارضة في سعيها للفوز بالإعادة الثانية من الانتخابات تصطدم بعائق ربَّما يعرقل سعْيَها لإعادة تشكيل النظام السياسي وفق رؤيتها من غير أن تدرك أنَّ أنصار أردوغان حققوا الأغلبيَّة في البرلمان الجديد الذي سيفشل أيَّ محاولة في هذا الاتِّجاه.

وما بَيْنَ نتائج انتخابات الجولة الأولى واحتمالات نتائج الجولة الثانية، تقف تركيا بَيْنَ مشهدين ومرحلتين؛ الأولى تسعى للتغيير الشامل وإعادة تركيب النظام من جديد، وأخرى تسعى لتكريس النهج الحالي والإصلاح والتطوُّر في الحياة السياسيَّة الذي أوصل تركيا إلى مصاف الدوَل المتقدِّمة. إذًا الخياران هما من سيرجح أحدهما الناخب التركي في معركة تاريخيَّة تشهدها تركيا في الثامن والعشرين من الشهر الجاري؟

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *