كتاب يلخص مأساة العراق بشهادة أميركية

كتاب يلخص مأساة العراق بشهادة أميركية
آخر تحديث:

بقلم: أحمد صبري

من بين عشرات الشهادات والمؤلفات والمواقف المتعلقة بغزو العراق واحتلاله يبرز كتاب (التصدي لصدام حسين: جورج بوش وغزو العراق) لواحدٍ من أهم المؤرخين السياسيين الأميركان وهو الأستاذ الجامعي ميلفين ليفلر.وأهمية الكتاب تنبع من كونه جاء بعد عقدين من الزمن على احتلال العراق ليسلط الضوء على خفايا وأسرار الغزو والمحرضين عليه من صقور الإدارة الأميركية السابقة.والكتاب الذي صدر مطلع شباط ـ فبراير الماضي هو حصيلة جهد وعمل دؤوب استمر عدَّة سنوات قضاها المؤلف لفك شفرات الغزو والاحتلال التي تسببت بوقوع آلاف الضحايا لتوثيق أحداثها الجسام التي ما زالت تداعياتها متواصلة رغم مرور عشرين عاما عليها.وبحسب مترجم الكتاب الدكتور عبد الواحد الجصاني، فإن الكتاب هو حصيلة عمل دؤوب قضاه المؤلف منذ عام 2010 في دراسة الوثائق وإجراء المقابلات مع مسؤولي الإدارتين الأميركية والبريطانية وقت الغزو.

في معرض تفسيره لتأليف الكتاب يقول المؤلف: «هذا الكتاب يسعى لتفسير أكثر قرارات السياسة الخارجية الأميركية تأثيرا في القرن الحادي والعشرين وكيف صيغ ونُفِّذ غزو العراق ونتائج تلك الحرب بالقول «القوة الأميركية أهينت، وجرى تحدِّيها، وانحسرت هيمنة أميركا الاقتصادية، واهتز تماسكها الداخلي وسبَّبت حرب العراق الإحباط للشعب الأميركي، وعمَّقت انقسامه الحزبي، ومزَّقت الثقة بحكومته.ويتوقف المؤلف عند سبب الفشل الأميركي بالعراق قائلًا: «المعلومات المقدَّمة لبوش كانت ناقصة بشكل معيب، وفرضياته كانت غير دقيقة، وأولوياته غير واضحة، ووسائله غير متكافئة مع أهدافه، وتخطيطه ساذج، وإدارته متهرئة، وتقييمه هزيل لما حصل بعد الأشهر الأولى من الاحتلال».

وكشف المؤلف عن أن إسقاط النظام العراقي كانت مبيتا قبل 11/9؛ لأن بعد ثلاثة أسابيع من تنصيب جورج بوش الابن رئيسًا للولايات المتحدة قدمت كونداليزا رايس إلى بوش مذكرة وضعت فيها الخطوط العامة وجدول الأعمال للأشهر الستة الأولى من حكمه، لا سيما وأن عقوبات الأمم المتحدة ضد العراق وصلت إلى طريق مسدود، الأمر الذي وضع مساعدو بوش العراق كهدف رئيسي للانتقام الأميركي بعد ساعات من أحداث 11/9.واستذكر المؤلف قول دونالد رامسفيلد في مساء يوم 11/9 والحرائق لا تزال مشتعلة في وزارة الدفاع ووسط صفارات سيارات الإسعاف عاد من الباحة المليئة بدخان الحرائق إلى مكتبه في البنتاجون وقال: «اضربوا صدام حسين الأهداف الآنية يجب أن تكون واسعة امسحوها كلها بالأرض، اضربوا كل شيء مفيد».

ولخَّص المؤلف نتائج الغزو الكارثية على أميركا، وكيف أنها تسببت في عبء إنساني ومالي واقتصادي ونفسي على الولايات المتحدة لم يكن يتصوره أحد، فقد حجَّمت القوة الأميركية، وفرَّقت الشعب الأميركي، وزادت من شعور العداء للولايات المتحدة في الخارج، كما أنها زادت من قوة إيران في الخليج وشكلت حقبة جديدة في التاريخ الأميركي وإن آثارها السياسية والاقتصادية والنفسية ستبقى قائمة..ويلخِّص المؤلف نتائج العزو الأميركي للعراق بالقول «عندما لا يُعثر على أسلحة الدمار الشامل ويواجه الاحتلال بمقاومة، تكون النتيجة تآكل الدعم الشعبي للحرب في الداخل وارتفاع معاداة أميركا في الخارج، وهكذا شكَّلت العواقب المأساوية للغزو حقبة جديدة في التاريخ الأميركي».

ويورد الكاتب اعتراف رئيس فريق التفتيش عن أسلحة التدمير الشامل العراقية بعد الاحتلال ديفيد كي أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي بقوله «دعوني أقول لكم نحن جميعا كنا خاطئين بشأن أسلحة التدمير الشامل العراقية».كما أن رؤساء فرق التفتيش هانز بليكس ورالف إيكيوس ومحمد البرادعي ألَّفوا كتبًا بعد غزو العراق حاولوا فيها التبرؤ من تهمة التواطؤ مع الولايات المتحدة لغزو العراق من خلال تقاريرهم التي لم تجزم امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، لكنها كانت تشكّك بتنفيذ العراق لالتزاماته في مجال أسلحة التدمير الشامل. وكتاب بليكس نشر عام (2004) وعنوانه (نزع سلاح العراق) وكتاب البرادعي (سنوات الخداع) نشر عام 2011، وكتاب ايكيوس نشر في كانون الأول 2022 وعنوانه (العراق منزوع السلاح).الكتاب بحق شهادة تأبى النسيان؛ لأنه كشف المستور في حملة التحريض على العراق بأكاذيب أثبتت الوقائع بطلانها، الأمر الذي يتطلب جلب المحرضين على غزو العراق واحتلاله إلى القضاء والمطالبة بالتعويضات كحق للعراقيين لا يسقط بالتقادم، وهي حقوق غير قابلة للمساومة أو التفريط بها.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *