معركة مقتدى ومسعود

معركة مقتدى ومسعود
آخر تحديث:

بقلم: إبراهيم الزبيدي

لو لم يكن التحالف الثلاثي الذي أطلق على نفسه أخيرا لقب “إنقاذ وطن” والذي بشَّر العراقيين بالإصلاح ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين واستعادة الهوية الوطنية العراقية ورفض التبعية مكوَّنا من التيار الصدري وحزب مسعود بارزاني وتحالف محمد  الحلبوسي وخميس الخنجر لكان يومُ السبت السادس والعشرون من آذار عيدا وطنيا، بل مهرجانَ أفراح طال انتظاره، باعتباره يوم خلاص الشعب العراقي من كوابيس الأحزاب والفصائل الولائية التي أذاقته المر، طيلة سنوات تسلطها على الحكومة والجيش والبرلمان والقضاء، ولاحتفل الوطن كله بيوم غلبة الحق على الباطل، والعدل على الظلم، والنزاهة على الفساد.

ولكن، لأن سجل أيِّ واحد من المتحالفين (الثُلاثيّين) ليس ناصع البياض، ولا خاليا من الغش والاستغلال والاختلاس، والتلفيق والتزوير، والقتل والاغتصاب، والتخابر مع الأجنبي، فهم والإطاريون سواء بسواء.فالتيار الصدري، وهو القائد المؤسس لهذا التحالف الثلاثي، عريق وأصيل ومتمرس ومتجذر في العملية السياسية التي يعترف هو نفسه بفشلها وفسادها ويريد إصلاحها.فهو أحد أعمدة حِكمتها السبعة منذ أول ولادتها على يد الحاكم المدني الأميركي، بول بريمر والمرجع وإيران.فلم يُقصر في رعاية مكاتبه الاقتصادية التي تمول جيوشه وميليشياته الأخرى الباقية جاهزة للقتال منذ 2003 وحتى يومنا هذا، إضافة إلى تاريخه الذي لا يمحى ولا ينسى في التنكيل بالمنتفضين، وفي القتل العمد واختطاف المعارضين.

والثاني هو الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي سبق التيارَ الصدري بزمن طويل جدا في التراحم والتوادّ والتفاهم وتقاسم اللقمة مع الأحزاب الولائية والفصائل الجهادية والشخصيات التي يصفها الشعب العراقي بأنها أسوأ ما مر عليه في الدولة العراقية، منذ تأسيسها. يضاف إلى ذلك ما فعله ويفعله مسعود بارزاني بمعارضيه ومنتقديه، حتى لو كانوا أقرب الناس إليه.

ويكفي أن ولده، مسرور بارزاني، رئيس حكومة أربيل، حين سأله صحافي أجنبي هل أنت عراقي أم كردي أجابه على الفور، وبعصبية، (أنا كردي يعيش اضطرارا في العراق).ناهيك عن مجاهرته، هو وجميع أفراد أسرته وأقاربه ومعاونيه، بإصراره وإصرارهم على الانفصال، وعلى تعاونه مع جميع أعداء الوطن العراقي، دون خوف ولا حياء.ولو غلط الحظ وتحقق النصاب وارتكب مقتدى غلطة عمره بتعيين المدعو ريبر بارزاني رئيسا لجمهورية العراق لحقَّ على العراقيين أجمعين أن يغسلوا أيديهم منه ومن تياره وحلفائه أجمعين.

أما قصة محمد الحلبوسي وحلفائه السنة، أحمد الجبوري (أبومازن) ومشعان الجبوري وخميس الخنجر فطويلة يتناقلها الأنباريون الذين يعرفون ما ظهر من أفعاله وما بطن، ومن أخباره وأخبار معاونيه الأقربين الأولى بالمعروف.من الذي جعل كلمة الميليشيا هي العليا، وكلمة الدولة والحكومة والبرلمان هي السفلى؟ ومن الذي خرَّب علاقات الدولة العراقية بجيرانها، وبدول العالم، وجَيَّر الوطنَ وأهله لدولة جارة لم تُضمر لهذا الوطن المسكين إلا كل سوءفماذا يريد الشعب العراقي أكثر من هذا الخير العميم؟ فالمصلحون الثلاثة، مقتدى الصدر ومسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي، قادمون من أجل الإصلاح، وحماية وحدة الشعب العراقي وأمنه واستقراره، والتضحية بالغالي والنفيس من أجل خدمة هذا الوطن الطيب وأهله الطيبين، وإلى آخر نفس.

إذن من الذي مزق هذا الشعب وأفسد حياته، وعمَّق بين أبنائه الفرقة والتناحر والاقتتال؟ ومن الذي لوث ماءه، وأفسد هواءه، وسرق ثرواته، وخرَّب مدنه وقراه، وحرم أبناءه الغذاء والدواء والهواء، وأطلق عليه قطاع الطرق والقتلة واللصوص، حتى صارت الدولة العراقية أسوأ دولة، وأفشل دولة، وأفقر دولة في العالم، يُضرب المثل بفسادها، وبقلة أمنها، وخراب حاضرها، وضياع مستقبل أجيالها القادمة؟ومن الذي اختار القادة والوزراء والمدراء والسفراء الانتهازيين والأميين ومزوري الشهادات؟ ثم من عبث بحياته واستباح دماء أبنائه وأموالهم وأعراضهم؟ ومن الذي هرَّب ثرواته إلى دبي والأردن ولبنان وإيران ولندن وحي السيدة زينب في دمشق؟

ومن الذي جعل كلمة الميليشيا هي العليا، وكلمة الدولة والحكومة والبرلمان هي السفلى؟ ومن الذي خرَّب علاقات الدولة العراقية بجيرانها، وبدول العالم، وجَيَّر الوطنَ وأهله لدولة جارة لم تُضمر لهذا الوطن المسكين إلا كل سوء، ليس الآن فقط، بل من مئات السنين؟ومن الذي يحج كل يوم إلى طهران والرياض ودبي والدوحة والكويت وأنقرة ولندن وواشنطن وباريس ليبيع أمَّه وأباه، وليقبض “المعلوم” ويعود وهو يتغنى بالوطنية والنزاهة والشرف الرفيع؟

أصحاب الحلف الثلاثي يكرهون المحاصصة. ولكي يثبتوا ذلك فقد جعلوا تحالفهم من ثلاثة بيوت، بيت شيعي وبيت كردي وبيت سني، ثم أبقوا رئاسة الحكومة من حصة البيت الشيعي، ورئاسة الجمهورية للبيت الكردي، ورئاسة البرلمان للبيت السني، ثم اتفقوا على توزيع الوزارات والمؤسسات والسفارات كلّ حسب حجم أمواله، وقوة جهاز المخابرات الأجنبي الذي يحميه، فقط لا غير.

بصراحة. إذا لم تكن إيران هي كاتبة سيناريو مسرحية التحالف الثلاثي، وحكومة الأغلبية الوطنية، بهدف تغيير الوجوه، وتطييب خواطر المنتفضين، وكسب أربع سنوات أخرى تترك خلالها للثلاثي الصدري البرزاني الحلبوسي صلاحية اللعب بقشور الدولة، وتبقي لها قلبها وشرايينها وخيراتها وثرواتها، فإن حدوثة حكومة الأغلبية الوطنية تعني لعبة قمار لن تسمح ولاية الفقيه باستمرارها، وستقرر أن تعيد العراق إلى جهنم من جديد، وستستفيق حروب المفخخات والمسيَّرات والاغتيالات والاختطافات التي تسجل كلها ضد طرف ثالث مجهول.وإذا ما تحقق النصاب، وانتخب ريبر بارزاني رئيسا للجمهورية العراقية، وجعفر الصدر رئيسا لحكومتها، وبقي محمد الحلبوسي رئيسا لبرلمانها، فأقرأوا على الوطن السلام.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *