دعوا الخلق للخالق

دعوا الخلق للخالق
آخر تحديث:

بقلم:موفق الخطاب

‏فقدت الساحة العراقية و العربية الشاعر العراقي الكبير ‎#مظفر_النواب عن عمر ناهز ال 88 عاما مفارقا الحياة غريبا في إحدى مستشفيات الشارقة بعد معاناة مع المرض وبهذا يسدل الستار على آخر شخصية من عمالقة الشعر العربي .

لقد عاش هذا الشاعر ظروفاً قاسية في موطنه العراق والمهجر وشهدت حياته تقلباً في المواقف مما ترك أثراً واضحاً في توجهه وإرثه الشعري.

وقد حفظنا عن ظهر قلب العديد من قصائده لحنها وتغنى بها العديد من الفنانين ومن أجملها التي تداولتها الاجيال البنفسج ومرينا بيكم حمد :

مرينا بيكم حمد وإحنا بقطار الليل..

واسمعنا دك گهوة وشمينا ريحة هيل..

وغيرها من القصائد الحماسية في الشعر الحر والعمودي والنثر وقد كان بعضها خارجا عن الذوق واللياقة، وأخرى كانت كالقنابل بوجوه الحكام العرب كما هي قصيدته الشهيرة (القدس عروس عروبتكم) .

وكذلك لديه من القصائد التي ينتقد فيها جوانب من الدين والمتدينين والتعرض للذات الإلهية دون تحفظ كونه متأثرا في الفكر الشيوعي ومناصرا للشيوعيين في مرحلة من مراحل عمره.

وكالعادة عند موت مرابط او شاعر او كاتب او فنان أو حتى قائد أو رياضي أو سياسي ينقسم الشارع العربي بين متشفي به سباب وآخر مكفر له لعّان، و ربما يخرجوه من الملّة و لا تجوز عليه الرحمة، أما من كان مسيحيا فذلك حدث عنه ولا حرج كما حصل مع الراحلة شيرين بو عاقلة!

وبين معظم و مادحٍ يفخر بإنتاجه و يدعو له بالمغفرة والرحمة!!

وأكاد أجزم أن أغلب من يتصدر المواقف المتشنجة ومن الطرفين انصاف متعلمين وأجزم أن أغلبهم لم يسمع بالشاعر مظفر النواب ولا غيره من المثقفين ولم يتصفح يوماً أياً من دواوينهم او يستمع لواحدة من قصائدهم، وتراه قد اتخذ موقفاً سلبيا لانه قد هجا هذا النظام والقائد و الحاكم والمرجع الذي يقدسه من دون الله أو لأنه قد قرأ له دون أن يدرك عمق الفكري ويتبحر في أبحار شعره رغم تحفظنا على بعضها ورفضنا القاطع لها!

يا سادتي يا أفاضل لماذا نختلف عن باقي الأمم وننسف نتاج مثقفينا وعلمائنا ؟

لماذا لا نغادر هذا الفكر والتوجه العقيم؟

فكل واحد منا حر في توجهه السياسي والفكري والمجتمعي، الم يقل سيدنا عمر رضي الله عنه (متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟)

فكل منا حر فيما يعتنق من فكر بما لا يحرض على العنف والإرهاب وينشر الفساد ويجلب الخيانة والأذى للشعوب والأوطان !

فلماذا هذا الانشقاق والتشنج وأخذ دور الإله( استغفر الله العظيم) في جواز ومنع الرحمات وحجز مقاعد الجحيم والجنات مع موت كل شخص مهم ؟؟

فنحن وغيرنا سنقف بين يدي الله وهو الحكم العدل بين عباده.

خلاصة الامر يا سادتي يا كرام اننا لدينا عقولا تمكننا من فرز الغث من السمين من ناتج عمل اي حاكم َو سياسي وقائد ومرابط، ومن تصفح أي ديوان شعر وأدب وفن ،ودعونا نختار الجيد من اعمالهم القصصية والشعرية والادبية والفنية ونفخر بها وننشرها، ونرفض بشكل قاطع الوصاية على المجتمع ونستهجن حشر الدين مع كل حادث .

ومن الواجب الشرعي والاخلاقي والإنساني ان لا ننسف كل ما قدموه ولا أن نقبله كذلك بالكامل دون تمحيص فهم بشر يخطؤون ويصيبون. كما يتحتم علينا ان لا ننشر اي عمل فيه دعوة لزرع الفتنة او التحلل الخلقي و الكفر والطعن في الثوابت.

اما ماقد اقترفوه في حياتهم من عمل خاص فذلك من مسؤولية الخالق جل جلاله ، أما ما انتجوه من أعمال فكرية فهذا يقع على مسؤولية النقاد وليس المبتدئين وربما بعضهم لا يفك الخط لكنه يميل مع الناس والفيسبوك والتويتر حيث تميل.

واخيراً فمن كان محصناً خلقاً وديناً وعلماً فلا تؤثر فيه رواية ولا قصيدة ولا مقطعاً فيديوياً.

أما الجاهل فتثور ثائرته عندما يشكل عليه الفهم او يقرأ من ينفر منهم.

وأخيرا دعوا الخلق للخالق فعند الله تجتمع الخصوم وهو الحكم العدل وهو من سيحاسب على ما قدمنا..

ولنا في محكم التنزيل عبرة عندما خاطب رب العزة نبيه صلى الله عليه وسلم قائلا (فذكِّر إنما انت مذكِّرٌ لست عليهم بمسيطر..)

ملزما رسوله الكريم بعدم الحجر على معتقدات الناس وتقييد فكرهم ..

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *