الأبعاد اللامرئيّة في الأزمة مع تركيا .!

 الأبعاد اللامرئيّة في الأزمة مع تركيا .!
آخر تحديث:

 

  رائد عمر العيدروسي

لابدَّ من الملاحظة أنَّ الأزمة المندلعة حالياً بدخول قوّات تركيّة الى شمال العراق قد إعتمدت في ” احد ” ركائزها الرئيسية على إطلاق سيل او موجة مكثّفة من التصريحات الإعلامية المتناقضة بهدف خلق حالة من التشويش السريع الإنتشار في ميادينٍ ” فكرية , إعلامية , سيكولوجية , وسياسية ” عند المتلقّي العراقي اولاً وأمام الرأي العام ثانياً , وقد يغدو العكس ُ صحيحاً من ناحية الأولويّات .! وهذه التناقضات في تصريحات المسؤولين الأتراك تبدو جليّاً أنها مدروسة ومبرمجة لكنها ليست بذكاء .! وخصوصاً في الجانب الإعلامي  , وقد عزّزت بعض الأطراف العراقية في ” الشمال والوسط ” حالة ” التشويش الذهني ” المُعتمَدة في الأزمة سواءً بقصدٍ او بدونه , لكنّ النتيجةَ واحدة .!

   منَ الملاحظ ايضاً غياب او التغيّب المقصود للدور الأمريكي منذ ”  بداية ” او ظهور الأزمة العراقية – التركية الى العلن , والأمريكان كانوا على دراية مسبقة ودقيقة بكلّ الجزئيات ومن قبل أن تعبر الدبابات التركية الحدود العراقية , ثُمّ ومع ” تأزّم ” هذه الأزمة القائمة وبلوغها ” حافّات ” الصراع الدولي بعدما دخلوا الرفاق الروس على الخط بغية تحويل القضية الى مجلس الأمن بشكلٍ فاعل , ليس لأجل العراق وانما نكايةً بالأتراك , فقررَّ الأمريكان ارسال جنرال امريكي الى العراق بدلاً من ارساله الى أتقرة , وبدلاً من ارسال ارفع مسؤولي الخارجية الأمريكية .!

   اردوغان بالذات , وحكومته وجنرالاته لمْ يحسبوها ولمْ يلعبوها جيّداً : – فمن خلال الصراع التأريخي الفارسي – التركي الذي مسرحُ عملياته في العراق وانعكاساته القائمة بشكلٍ او بآخرٍ وِفقَ متطلّباتِ العصر , فأنّهم في هذه الأزمة ” العسكرية – السياسية , فبدلاً من بذلِ أيّة محاولةٍ للتحييد النسبي   للقيادات الشيعية الحزبيّة  في العراق  وعلاقاتها بأيران ” من خلال دعمٍ مفترض لتلك التنظيمات   , فأنَّ القيادة التركيّة قد أثارت واستفزّت تلكُنَّ القيادات وجعلتهم يهددون المصالح التركية في العراق من خلال ما صرّحوا به بعض قادة تلك التنظيمات ..

   مّما لمْ يتحسّب له القادة الترك ” كثيراً وبعيداً ” أنّ إدخال قواتهم داخل الأراضي العراقية , سوف يؤدّي الى قيام اطرافٍ دوليّةٍ كالرّوس مثلاً , واطراف اقليمية ايضا وربما محلّية كذلك , الى دعم تنظيم < بي كي كي – حزب العمال الكردستاني التركي > وتنشيطهِ وتفعيلهِ للقيام بفعّالياتٍ مسلّحة في جنوب تركيا او على امتدادها ” سواءً بالطول او العرض ! “

   الى ذلك , ومن جانبٍ آخر , فليس مستبعداً على الإطلاق أنْ ينظر اردوغان وحكومته الى ضُعف الحكومة العراقية والى الخلافات القائمة بين احزاب هذه الحكومة او لنسمّيها بِ ” احزاب السلطة الحاكمة ” , مستغلاً كلّ ذلك للتدخّل العسكري – الحربي داخل اراضي العراق , لكنَّ على الرئيس التركي أن يحسب ويتحسّب أنَّ مع الضعف الهائل والقاتل  للذين يحكمون العراق , فهنالك استشارات ومشاورات من دولٍ عظمى وغير عظمى يقدّمون النصح للتعامل مع الأزمة التركية الحديثة وَ وِفقَ ما يتطلّبه فنّ وعِلم ومتطلبات إدارة الأزمات الدبلوماسية في العالم ..

  ولعلَّ الأهم منْ كلّ ذلك او بموازاته , هو الخطأ الجسيم الذي يرتكبه القادة الترك , في فتحِ جبهتين سياسيتين او عسكريتين في آنٍ واحد , فالمواجهة الروسية – التركيّة لا تزال قائمة وآخذة للتوسّع في مجالاتٍ متعددة , وافتعال الأزمة الجديدة مع العراق سوف يؤدّي الى ضُعفٍ مضاعف لحكومة انقرة , مع عدم استبعاد العلاقة الغير مباشرة للتدخل التركي في شمال العراق بالتوتّر الروسي – التركي المتصاعد . ولمْ يبقَ سوى انتظار ما تحمله الأيام القادمة من مفاجآتٍ ليست في قائمة الحسبان .! , لكنّ امريكا هي سيّدة الموقف من وراء ومن أمام كلّ ذلك …

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *