صفحات من المسرح المسيحي

صفحات من المسرح المسيحي
آخر تحديث:

قحطان جاسم جواد

يعود تاريخ سكن المسيحيين في العراق إلى القرن الأول الميلادي، ومع مجيء الإسلام في القرن السابع الميلادي أسسوا في بغداد واربيل والموصل الكنائس والأديرة. وفي القرن التاسع عشر أدوا دورا مهما في ظهور العديد من المؤسسات الثقافية والفكرية والدينية من بينها المسرح، إذ كان للاختلاط بين مسيحيي تركيا والشام الأثر في انتقاله لمسيحيي العراق. وكان المسرح رائجا في الكنائس وكان يهدف للترفيه والتهذيب والتعليم ورفع الذائقة الثقافية للناس. ومنها بدأ النشاط المسرحي المسيحي في العراق. وكان المعتقد الأول أن الشماس (حنا حبش) هو أول رائد ومدشن للنشاط المسرحي في العراق، وأن مسرحياته الثلاث يوسف الصديق وكاميليا طوبيا وآدم وحواء التي قدمها عام 1880هي اللبنات الاولى للمسرح العراقي حسب مانشره الباحث احمد فياض المفرجي في ستينات القرن الماضي، كما يشير الى ذلك محمد الفيل وعمر الطالب رغم ان الفياض اوضح في ما بعد الحقيقة من أن حبش ليس مؤلفها بل مالك النص

 حسب. لكن الدكتور علي هادي صالح في كتابه القيم المسرح المسيحي في العراق استطاع عبر بحث مضنٍ ودؤوب ان يفند المعلومة بعد لقائه باصحاب الشأن في بيروت والموصل، فتبين ان الشماس قد نسخ المسرحيات الثلاث من كتاب قديم ولم يكن مؤلفها بل نسخها بنفسه على امل أن يمثلها مستقبلا وأنه دمغها بختمه كاشارة إلى أن ملكيتها تعود له. أما الريادة الحقيقية للمسرح المسيحي فهي لمسرحية يوسف الصديق التي قدمت عام 1874 وترجم المسرحية عن الفرنسية الأب الرئيس ماري جوزيف، ونقح عباراتها العربية الكونت جبرائيل أصفر، وقد قدمها على المسرح طلبة مدرسة اللاتين الاوائل. وبعد سنوات 1882 قدمت مسرحية أخرى في الموصل (شموني واولادها السبعة) على قاعة مدرسة الكلدان. وهي مسرحية مقتبسة من الكتاب المقدس وتقع في ثلاثة فصول وتدعو إلى الفضيلة والعفة. ثم قدم طلاب مدرسة شمعون الصفا مسرحية “العفو أقرب إلى التقوى” على قاعة صالة البطريريكية في الموصل عام 1885 وتتناول عفو المأمون عن عمه ابراهيم الذي حاول الاستيلاء على الخلافة. وفي العام التالي قدمت المدرسة نفسها مسرحية أخرى بعنوان “مجادلات الأولاد” تناولت العلاقات الطيبة بين الصبيان وزرع الخلق الحميد بينهم.     

كما يؤكد الدكتور كوركيس عواد أن هناك في الموصل مدرسين واساتذة في مدرسة الاكليركية كانوا يقدمون تمثيليات دينية ودنيوية على مسرح مدرستهم خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر. ففي عام 1890 قدم القس نعوم فتح الله السحار في مدرسة الاباء الدومنيكان بالموصل خمس مسرحيات أعدها وأخرجها بنفسه، ثم ألف القس سليمان موسى مسرحية “الدرة الحقيقية” وجرى تقديمها في معهد شمعون الفا الكهنوتي في الموصل. ونحن أمام هذه المعلومات لا بد من اعادة النظر في قضية الريادة في المسرح العراقي. وهذا الاكتشاف يعود للدكتور علي الربيعي. 

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *