الفائزون والخاسرون في انتخاباتنا

الفائزون والخاسرون في انتخاباتنا
آخر تحديث:

بقلم: سمير داود حنوش

هواية تُمارس بين الحين والآخر أو لعبة يمارسها الجميع ليوهم بها الجميع، إنها ممارسة حرة ديمقراطية ومِراس من المفترض أن يكون فيه رابح وخاسر، لكن في تجربتنا يريد الجميع أن يكونوا في مرتبة الغلبة حتى ولو ضحّوا بأبنائهم وقبائلهم التي تؤويهم.

يوم من أيامنا المعتادة التي نُصبح فيها كما أمسينا يسمى عرساً انتخابياً، يتم الإعداد له قبيل موعده لتذكير الناخبين بتلك الوجوه التي أشبعتهم جوعاً وفقراً وملأت قلوبهم حسرات، ومناسبة تُصرف فيها أموال وفيرة من السُحت المنهوب، أي من خيرات الشعب يطعمون الشعب، تكفي لإيواء المشردين وإطعام الجائعين وتشغيل العاطلين وكسوة اليتامى الضائعين.يوم بالنسبة إليهم مقدس لأنه يخبرهم بأحجامهم ومقدار الكعكة التي سيحصلون عليها.

حكاية من حكايات العراق الجديد، وثوب ألبسته لنا ديمقراطية أميركا التي جلبتها للعراقيين تتكرر، لا يُعرف إن كان هذا اليوم الانتخابي هو الأب الشرعي للديمقراطية أم الابن البار لها، تماماً مثل حيرتنا إن كانت البيضة من الدجاجة أم العكس.

نذهب في هذا اليوم لانتخاب وجوه مكررة لا تعرف الملل من الكذب والخداع، نسجل اعترافاً بالفشل وسطوة المال والسلطة معلنين أننا أدينا ولاء الانتخاب بعد أن تم توثيق انتخابنا بتدنيس أصابعنا بذلك الحبر البنفسجي، معلنين بدء دورة حياة جديدة من اللاتغيير، ولا أدري لماذا يكون هذا اللون دون غيره من الألوان خاتمة لانتخاباتنا الذي من المفترض أن يكون لون الوضوح والبصيرة والعمل المتعقل، لكن الأحداث التي تخبرنا بها قادمات الأيام لا تنمّ عن وضوح ولا تعمل بالبصيرة ولا تتخذ عقلانية في العمل.

في الأيام التي تسبق الانتخابات يُصدّعون رؤوسنا بمناكفاتهم وصراخهم وعويلهم في التسابق لخدمة الفقراء والمساكين وكأنها فرصة تتاح لهم لكفكفة دموع الشعب وإزاحة همومه، وربما مناسبة ليتعانق فيها الفقير مع السلطة في صلح مؤقت.

تملأ صُورُهم شوارعنا لتشوّه معالمها وتزيدها خراباً وفوضى، ولكن للحقيقة نقول إن دعاياتهم الانتخابية تتحول بعد انتهاء اليوم الانتخابي إلى سكراب (مواد مستهلكة) يعتاش عليها العاطلون والفقراء ويا لها من فائدة كبيرة لهم، يجعلوننا نتمنى لو كانت كل أيامنا انتخابات.

أصبحت لعبة جميلة يتسلى بها لاعبون لا يُجيدون صنع شروطها وقوانينها، حكاية تتكرر بلاعبين وأبطال مكررين لا يهمّهم من اللعبة سوى تبادل الأدوار ليس إلا.أما نحن البؤساء فما علينا سوى الضحك في قرارة أنفسنا فهي مجرد لعبة فحسب.في المحصلة سيجلس الجميع إلى المائدة المستديرة كما يحلو لهم أن يسمّوها ليتفاوضوا أو يقتسموا الغنائم، لا فرق بين فائز وخاسر وكأن شيئاً لم يكن، وذلك “العُرس الانتخابي” لم يكن سوى مناسبة لتبادل التهاني والابتسامات أمام شاشات التلفاز والمراهنات السياسية يلعبها من يعتقد أنه يجيد الرهان والمغامرة، ونبقى نحن “الغلابة” أولئك المساكين الذين لا نملّ من تكرار سؤال يراودنا وهو: إذا كنتم كذلك فلماذا تفتعلون مثل هكذا مناسبات انتخابية؟ وإذا كنتم منذ البداية متفقين على أن تتفقوا فلماذا هذا التخالف والاختلاف؟ ربما لأنكم لا تجيدون فعل شيء سوى الضحك على عقولنا الساذجة والمتعبة منكم.

التعليقات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *